مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

كتاب الرد على المجبرة القدرية

صفحة 281 - الجزء 1

  صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ٥٢}⁣[الشورى]، فيقال لهم: خبرونا عن قول الله سبحانه: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ٥٢} أفتقولون: إنه كما قال الله عنه، وإنه هداهم إلى صراط مستقيم؟ أم تقولون: لم يهدهم؟

  فإن قالوا: بل هداهم بأمر الله، وذلك فعلٌ لمحمد ÷، حمده الله وأثنى [به⁣(⁣١)] فيه عليه - فقد صدقوا وآمنوا، وقالوا بالحق في الله وفي نبيه ÷.

  وإن قالوا: لم يهد محمد أحداً وإنما فعل محمد هو فعل الله، والله أدخله في ذلك كرهاً، وجبره عليه جبراً، ولم يكن لمحمد فيه فعل - فقد زعموا أن الله مدح محمداً ÷ بفعله لا بفعل محمد نفسه، وأنه أثنى عليه بغير ما اكتسب⁣(⁣٢) وفعل، وهذا غاية الفسق.

  ومما يُسألون عنه قول الله سبحانه: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ٣}⁣[الإنسان]، فأخبر أنه هدى الخلق ولم يهد من عصاه وخالف أمره وأباه، وأنه قد اهتدى بهداه الموقنون، وكانوا⁣(⁣٣) هم الشاكرين، وكان المخالفون هم الكافرين.

  فإن قالوا بهذا آمنوا واهتدوا وصدقوا.

  وإن قالوا: بل نقول: إن شكر من شكر وكفر من كفر من الله وبقضاء منه وإدخال لهم فيه كان ما كان من ذلك - أبطلوا قول الله وكذبوه، وخرجوا من الإسلام بذلك.

  ومما يُسألون عنه ويكذبون به في قولهم: قول الله ø فيما يحكي عن الفاسقين من القول، والإقرار على أنفسهم في يوم الدين من قوله سبحانه: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ


(١) من نخ (أ، د، ب) هامش.

(٢) في (أ): اكتسبه.

(٣) في (هـ): فكانوا.