مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

كتاب الرد على المجبرة القدرية

صفحة 283 - الجزء 1

  لنفسه، وفي ذلك ما يقول الرحمن الرحيم: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}⁣[الرعد: ١١]، ويقول سبحانه: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}⁣[الأنفال: ٥٣].

  ومما يُسألون عنه من قول الله سبحانه مما يبطل ما في أيديهم قوله سبحانه: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ ٧٩}⁣[البقرة]، فأخبر سبحانه أنهم مختارون لكتاب ما كتبه المشترون المكتسبون لفعل ما فعلوا، وأوعدهم على ذلك، وأخبرهم أنهم من أهل النار، والويل [لهم⁣(⁣١)] إذا فعلوا ما لم يرد و [ما]⁣(⁣٢) لم يشاء.

  وقالت القدرية: إن الله أدخلهم فيما عنه نهاهم، وإن ذلك الكتاب منه، ولولا أنه قضى به عليهم وجعله فيهم لم يفعلوه ولم يكتبوه؛ فأكذبوا قول الرحمن وصدقوا قول الشيطان، وزعموا أنهم أعلم بأمر⁣(⁣٣) الكاذبين المجرمين من رب العالمين، وادعوا أن قولهم الصدق وزعموا بذلك أن قول ربهم باطل، وأنه ادعى عليهم ما لم يفعلوا، ورماهم بما لم يكسبوا⁣(⁣٤)، وأنه فعل ذلك بهم، وذكره عنهم ورده عليهم، كأن لم يسمعوا قول الله سبحانه وذمه لمن كان كذلك أو قارب شيئاً من ذلك، حين يقول: {وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ١١٢}⁣[النساء].

  ومما يُسألون عنه: قول الرحمن الرحيم الواحد الكريم: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ٥٦ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ ٥٧}⁣[الذاريات]،


(١) زيادة من (أ، ج).

(٢) زيادة من (هـ).

(٣) في (هـ): بقول.

(٤) في (هـ): يلبسوا. وفي (أ، ب): يكتسبوا.