مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[ما يستدل به أهل العدل على أهل الجبر]

صفحة 307 - الجزء 1

  وَإِثْمًا مُبِينًا ١١٢}⁣[النساء]، أفترى الله ø بهتهم بما لم يفعلوا، وظلمهم بما لم يعملوا، ووصف نفسه باحتمال البهتان والإثم المبين؟ كذب من قال على الله بهذا القول.

  وقال تقدست أسماؤه: {إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ ٤١}⁣[الزمر]، فبين لهم أنه بريء⁣(⁣١) من فعلهم، وأنه إنما يجزيهم بما يكون فيهم بعد التبيين لهم والترغيب والتحذير: {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ ٤٢}⁣[الأنفال]، أي: من أهلك نفسه بالمعصية بعدما عرفها فهو الهالك المهلك لها؛ لأنه مدخل لنفسه⁣(⁣٢) فيها، ومن أحياها بالطاعة فقد عرف طريق الطاعة بما قلناه من تعريف الله لهم الطريقين، وهدايته لهم النجدين، لكيلا يكون لأحد على الله حجة.

  ثم قال ø: {لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى ٦١}⁣[طه]، أفتراه يعني نفسه بهذا السحت؟

  ثم قال: {وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ}⁣[النساء: ١٧١]، أفترى الله نهاهم عن قبيح اللفظ به وهو أمرهم به؟ وكره منهم أن يقولوا: {ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ}⁣[المائدة: ٧٣]، وهو قضاه عليهم وشاءه منهم وأراده لهم؟ جل الله عن هذه الصفة المشبهة لصفات اللعابين المتلعبين.

  وقال أيضاً لنبيه #: {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ}⁣[التحريم: ١]، أفترى النبي ÷ حرم ما أمر الله بتحريمه وقدره عليه وقضاه له ثم يستخبره عن ذلك التحريم فينهاه عنه ويعاتبه فيه ويعيبه عليه، وهو الذي أدخله فيه وقضاه عليه؟! معاذ الله أن يكون هذا أبداً، لكن هذا التحريم كان من فعل محمد لا من فعل الله، ألا ترى إلى أمر الله سبحانه له بترك ما لم يرضه من فعله في ذلك، وأمره أن يرجع إلى ما أحل له، ويكفر يمينه فقال: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ}⁣[التحريم: ٢].


(١) في (ب، ج، هـ): ناءٍ.

(٢) (لنفسه) ساقط من (ب، ج، هـ).