[حجج العقل لأهل العدل والتوحيد]
  وتارة(١) يزعمون أن إبليس لله ولي يدعو إلى قضائه في معنى قولهم(٢)، وما تلزمهم إياه الحجة، وإن كانوا غير مصرحين بولايته لله غير أنهم زعموا أن جميع الفواحش التي يدعو إليها إبليس شاءها الله وأرادها، ومن كان إلى طاعة الله ومشيئته ومراده داعياً(٣)، فهو ولي لله مطيع، [فمرة عندهم إبليس مطيع(٤)]، ومرة عدو مفتر.
  وانظر أيضاً إلى هذا التمييز وهذه العقول التي جعلوا بها سبيل محمد وسبيل إبليس سواء، حتى جعلوا الصفة فيهما واحدة متشابهة كلاهما، وهو عندهم يدعو إلى قضاء الله وأمره ومراده، ويصدقون محمداً # مرة فيما جاء به من القرآن والدعاء إلى الله وإلى أمره [ومراده(٥)]، ومرة أخرى يكذبون ذلك ويقولون إن المعاصي من الله، وإن الله شاءها وأرادها من العباد، وإنه # نهى(٦) عن مشيئة الله وإرادته.
  فإن كان محمد ÷ ينهى(٧) عما ذكروا أن إبليس يدعو إلى ذلك الذي أراده الله من العباد فلا تراه في قياسهم لله عاصياً، ولا عليه مفترياً إذ كان في الدعاء إلى قضاء الله مجتهداً، ومن كانت هذه سبيله فهي غير سبيل العاصين، ولا أعرف - كما قلنا وعلى قولهم - بينه وبين محمد # فرقاً في الدعاء إلى قضاء الله، خاصة؛ إذ كان محمد يدعو إلى بعض قضاء الله، ثم أمر ونهى بزعمهم عن بعض قضاء الله وأمره، وكذلك إبليس - لعنه الله - يدعو على قولهم إلى بعض قضاء الله وأمره وينهى عن بعض قضاء الله وأمره، ومحمد ÷ نهى عما يدعو إليه إبليس من هذا القضاء، وإبليس - لعنه الله - يدعو إلى ما ينهى عنه محمد، وكلاهما عدو الآخر.
(١) في (ب، ج، هـ): ومرة.
(٢) في (ب، ج، هـ): قوله. والظاهر أن المثبت هو الصواب.
(٣) (داعيا) ساقط من (ب، ج، هـ).
(٤) زيادة من (ط).
(٥) ساقط من (ب).
(٦) في (ب، ج، هـ): ينهى.
(٧) في (هـ): نهى.