مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[مقدمة الكتاب]

صفحة 323 - الجزء 1

  ونبتت الأشجار، وجرت الأنهار، وأينعت الثمار، فالق الحب والنوى، ومالك الآخرة والدنيا، زارع كل ما يحرثون، ومنزل الماء الذي يشربون، وخالق النار التي يورون، محصي الأعمال، ومؤجل الآجال، ومجري الأرزاق، ومسبب الأرفاق⁣(⁣١)، الصادق في كل قول قوله، النافذ في كل شيء فعله، الذي أمر ونهى فأمر بالتقوى وزهد في الدنيا، ونهى عن العصيان، وحض على الإحسان⁣(⁣٢)، وخلق ثواباً وجعل عقاباً، فأعد للمطيعين الجنان، وأجج للعاصين النيران: {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى ٣١}⁣[النجم]، قابل التوبة، مقيل العثرة، مجيب الدعوة، الذي لا يغافص⁣(⁣٣) من عصاه، ولا يخيب أبداً من رجاه، يقبل اليسير الصغير، ويعطي عليه الكثير⁣(⁣٤)، الذي لم يزل قادراً ولا يزال، فسبحان ذي القدرة والعز والجلال.

  أحمده على نعمائه، وأعوذ به من بلوائه، وأستجير به من نقمته، وأستديمه لنعمته، الذي شملت خلائقه نعماؤه، وتظاهر عليهم إحسانه وآلاؤه، سائق كل غنيمة وفضل، وكاشف كل عظيمة وأزل⁣(⁣٥)، أشهد له سبحانه بالربوبية والعدل والصدق والوحدانية.

  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، مقلب القلوب، الغافر لمن تاب من موبقات الذنوب، البريء المتعالي عن كل نصب ولغوب، البائن عن الصفات، فليست تحده القالات، ولا تنقصه الساعات، ولا تعروه السنات، المحمود في كل الحالات.


(١) أرفقته: أي نفعته. (شمس العلوم).

(٢) في (ب، ج، هـ): الإيمان.

(٣) غافصه: فاجأه وأخذه على غرة. (معجم وسيط).

(٤) في (ج، هـ): الكبير.

(٥) الأزل: الضيق والشدة. (معجم وسيط معنى).