مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[المسألة الأولى: عن استطاعة الرسل من بني آدم ترك البلاغ وتغيير الوحي]

صفحة 325 - الجزء 1

  ونثبت عليه في ذلك كله لربنا وسيدنا وخالقنا ما هو أهله مما هو عليه، وما لا يجوز لخلق [عبد]⁣(⁣١) الله أن يقول بغيره فيه، فاختصرنا له في قوله الجواب، وتركنا خشية التطويل كثيراً من الأسباب، فلينظر من نظر في قولنا وقوله، وجوابنا لسؤاله بلب حاضر، ورأي حي صادر، يبن له الحق إن شاء الله ويثبت في قلبه الصدق. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على خير خلقه أجمعين، محمد خاتم النبيين وعلى أهل بيته الطاهرين وسلم.

[المسألة الأولى: عن استطاعة الرسل من بني آدم ترك البلاغ وتغيير الوحي]

  فكان أول ما سأل عنه أن قال: أخبرونا عن رسل الله من بني آدم، هل جعل الله لهم السبيل والاستطاعة إلى ترك البلاغ، ولو شاءوا لغيروا ما أمروا به من تبليغ الوحي والعمل بالسنن؟ أو ألزموا على ذلك إلزاماً، فلا يستطيعون على تركه ولا الزيادة فيه ولا النقصان منه؟

  فإن قالوا: نعم، قد جعل الله لهم سبيلاً واستطاعة لترك البلاغ فلو شاءوا لغيروا ما نزل إليهم من كتابه وحكمته - فقد دخلوا في أعظم مما كرهوا حين زعموا أن الرسل لو شاءوا لم يعبدوا الله بالتوحيد ولم يعملوا له بطاعة⁣(⁣٢)؛ إذ زعموا أنهم كانوا يقدرون على كتمان الوحي والسنن⁣(⁣٣)، فيقال لهم: وأنتم الآن لا تدرون هل بلغت الرسل كل ما جاءهم من الوحي والسنن أم لا؟

  فإن قالوا: نعم، يقدر الرسل على كتمان الوحي والسنن إذا أرادت ذلك - احتج عليهم.

  وإن قالوا: لم يكن الرسل يقدرون⁣(⁣٤) على كتمان الوحي ولا إبدال الفرائض


(١) ظن في (ب، ج، و). وفي (هـ): عند.

(٢) في (و): بالطاعة.

(٣) في (ب، ج، هـ): من السنن.

(٤) في (و): تقدر.