مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[المسألة الأولى: عن استطاعة الرسل من بني آدم ترك البلاغ وتغيير الوحي]

صفحة 329 - الجزء 1

  كل أعمالهم رب العالمين؛ لكان هو القائل لما نزل من الحق: {أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ٢٤}، ولم يكن القائلون بما قالوا من قولهم والناطقون بما أنطقهم عند العدل الجواد الرؤوف الرحيم بالعباد - بمذمومين، ولا عليه بمعاقبين، ففي أقل من ذلك حجة لذوي الإيمان المميزين.

  وأما ما قال من أنهم [إن كانوا]⁣(⁣١) À قادرين على التبليغ والترك وكان تبليغهم اختياراً منهم للطاعة على المعصية ولرضاه على سخطه فما يدريكم لعلهم قد تركوا وبدلوا وغيروا وخانوا [أو ستروا واجباً⁣(⁣٢)] وخالفوا؟

  قيل له: في ذلك من الحجة والحمد لله أبين البيان وأنور القول والبرهان، ألا تعلم أيها السائل⁣(⁣٣) أن الله سبحانه لا يزكي إلا زكياً رفيعاً، ولا يذكر بالطاعة إلا سامعاً مطيعاً ولا بالأداء إلا مؤدياً، وقد وجدنا الله سبحانه ذكر في توراته التي أنزلها على موسى بن عمران تبليغ من بعثه من أنبيائه بوحيه، من نوح وإبراهيم وغيرهما، وأثنى عليهم بذلك، وحض موسى⁣(⁣٤) ~ على الاقتداء بهم والإيثار لما آثروا من الطاعة لربهم، ثم قص قصة موسى صلى الله عليه وذكر فضله [وتبليغه⁣(⁣٥)] وصبره واجتهاده وفعله في الإنجيل الذي أنزله على عبده المسيح المطهر من كل قبيح ~، ثم قص قصة عيسى على محمد ÷ وذكر له قصته من اجتهاده وتبليغه وتبليغ غيره من الرسل، فقال: {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ}⁣[الصف: ٦]، فصدق بما


(١) ما بين المعقوفين ساقط من (هـ، و).

(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (هـ).

(٣) في (ب، ج، و): القائل.

(٤) في هامش (ج): محمد ÷.

(٥) ما بين المعقوفين ساقط من (ب، ج، هـ).