[المسألة الثانية: من أخطر المعصية على بال إبليس؟ وكيف علم عن ذرية آدم؟]
  جاء به موسى، وبشر بما أمر من التبشير(١) به من البشير النذير، الرؤوف بالمؤمنين الرحيم محمد الرسول الكريم، ثم ذكر لنا في كتابه أن رسوله قد بلغ وأنذر وأخبر أنه قد أدى كل ما يجب عليه فقال: {وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ١٨}[العنكبوت]، وقال: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ ٥٤}[الذاريات]، ولو كان منه صلى الله عليه وآله غير الاجتهاد لم يقل سبحانه: {فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ ٥٤} فقد برأه الله من كل دنس ولوم.
  فقد بطلت حجة من أراد الطعن على الأنبياء المهتدين، المؤدين لأمر الله الخانعين بما قال عنهم وذكر فيهم رب السموات والأرضين(٢)، والحمد لله وسلامه(٣) على المرسلين. تمت المسألة.
[المسألة الثانية: من أخطر المعصية على بال إبليس؟ وكيف علم عن ذرية آدم؟]
  ثم أتبع هذه المسألة فقال: أخبرونا عن إبليس، ما أخطر المعصية على باله؟ أو من أوقع التكبر في نفسه؟
  فإن قالوا: نفسه أمرته بالمعصية، وهواه حمله على التكبر، فقل: من جعل نفسه أمارة بالمعصية وهواه حاملاً على التكبر؟
  فإن قالوا: الله، كان ذلك نقضاً لقولهم. ويقال لهم: فمن أعطاه علم الخديعة والمكر؟ آلله جعل ذلك في نفسه؟ أو شيء جعله هو لنفسه؟
  فإن قالوا: الله جعل ذلك له، كان ذلك نقضاً لقولهم. وإن قالوا: إن ذلك لم يكن من الله عطاء ولا قسماً فقد دخل عليهم أعظم مما هربوا منه حين زعموا أن غير الله يجعل في خلقه ما لم يرد الله أن يكون فيهم، فما أعظم هذا من القول.
  وسلهم: من أين علم إبليس أن آدم يكون له ذرية وأن الموت يقضي عليهم،
(١) في (و): بالتبشير.
(٢) في (ب، ج، هـ): بدل (رب السموات والأرضين): رب العالمين.
(٣) في (ج): وسلام.