[المسألة الثانية: من أخطر المعصية على بال إبليس؟ وكيف علم عن ذرية آدم؟]
  أمره، ثم خشي أن يؤاخذه الله تعالى مغافصة على ذنبه، فطلب الإنظار والتأخير من ربه، فأنظره وأمهله الله إلى يوم حشره، ولو حجب الله علم آدم وذريته عن الملائكة لم يكن ليعلمه إبليس ولا هم، وليس إعلامه إياهم سبحانه أنه(١) سيجعل لآدم ذرية إلا كإعلامه من قبل إيجاده لآدم بآدم حين يقول ø: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً}[البقرة: ٣٠]، وكما أعلمنا في كتابه على لسان نبيه ÷ بما يكون في دار الآخرة من الثواب والعقاب والمجازاة بين العباد، وليس على الله في ذلك من حجة كبيرة ولا صغيرة.
  وأما ما سأل عنه من استكبار إبليس وقال: ممن هو؟ أمن الله؟ أمن منه؟ أم من غيره؟
  فسبحان الله، ما أبين جهل من شك في هذا، أيتوهم أو يظن ذو عقل أن الله ألزم إبليس التكبر والاجتراء عليه فأدخله قسراً فيه؟ وهو يسمع إخبار الله في ذلك عنه وأنه نسب التكبر إليه فقال سبحانه: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ٣٤}[البقرة]، فذكر أن الاستكبار والكفر من فعل إبليس الكافر المستكبر، ولو كان الله أدخله في الاستكبار فاستكبر وقضى عليه بالكفر فكفر - لم يقل فيه: {وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ٣٤} ولكان أصدق الصادقين يقول فيه: إنه أطوع المطيعين.
  وما كان من استكبار إبليس فهو كاستكبار غيره من الناس، قال الله سبحانه: {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ ٢٠}[الأحقاف]، ولو كان الكبر والفسق من الله
(١) في (ب، ج، هـ): بأنه.