[المسألة الثالثة: أكانت محبة الله ومشيئته في دخول آدم وزوجه الجنة أم في خروجهما عنها؟]
  المشددة والأمور المؤكدة فافترض ذلك عليهم ولم يرض منهم بسواه، من ذلك ما حرم عليهم من المآكل من الشحوم اللذيذة وغيرها، وما حظر عليهم من صيد البحر في يوم سبتهم، حتى كانت الحيتان يوم السبت تأتيهم وتظهر لهم وتكثر عندهم وتشرع قريباً منهم؛ امتحاناً من الله لهم، فكانوا لله في تركها مطيعين، وكانوا عنده على ذلك مكرمين، ثم عتوا من بعد ذلك وفسقوا وخالفوا فتصيدوا، فأخذهم الله بذنوبهم فجعل منهم القردة والخنازير، فقال سبحانه في ذلك: {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ١٦٣}[الأعراف]، ثم أراد الله التخفيف عن عباده فبعث فيهم عيسى صلى الله عليه، فأحل لهم بعض ما [كان](١) قد حرم عليهم، قال الله تعالى يخبر عما جاء به عيسى وقاله مما أمره الله به ﷻ حين يقول: {وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ٥٠ إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ٥١}[آل عمران]، ثم أراد التخفيف عنهم والنقل لهم إلى أفضل الأديان إلى دين أبيهم إبراهيم الأواه الحليم فبعث محمداً ÷ بذلك فصدع بأمر ربه وأنفذ ما أرسل به فكان(٢) ذلك إرادة من بعد إرادة ومتعبداً من بعد متعبد، فصرف الله فيه العباد، فتبارك الله ذو العزة والأياد.
  وكذلك حكم على من عصاه بالمعصية فإن تاب حكم له بالطاعة وإن عاد فعصى حكم عليه بما حكم [به(٣)] على أهل الردى، وإن تاب وأناب وعاد إلى الله وأجاب حكم له بالهدى والثواب.
(١) زيادة من (هـ).
(٢) في هامش (ج): وكان.
(٣) زيادة من (ج، هـ).