مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[الجواب]

صفحة 344 - الجزء 1

  فيها من التذكرة بالنار التي وعدها الله للكافرين في دار الآخرة، ولا شيء - والحمد لله - أبين نوراً ولا أظهر خبراً⁣(⁣١) من أن يكون خلق خلقاً أراد منهم أمراً وكره منهم ضده، وأمرهم⁣(⁣٢) بما أراده، ونهاهم عما سخطه، ثم خلق لهم ثواباً، وأعد لهم⁣(⁣٣) عنده عقاباً، ثم استدعاهم إلى الطاعة بالثواب، ونهاهم عن المعصية بالعقاب، فعُبِد خوفاً من عقابه، وأطيع [طمعاً⁣(⁣٤)] فيما جعل من ثوابه، كما قال تعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ١٦}⁣[السجدة]، فجافوا لمخافته وطلب مرضاته منهم الجنوب، وطهروا⁣(⁣٥) أنفسهم من الذنوب، وطيبوا منهم السرائر والقلوب، فأمنوا بالطاعة أنفسهم من نحل العاصين، واستوجبوا بذلك اسم المؤمنين، فكانوا كما قال فيهم ووصفهم رب العالمين حين يقول: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ٢ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ٣ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ٤}⁣[الأنفال]، فخافوا ربهم واهتدوا ومن عذابه نجوا.

  فلما أعلم الله العباد أجمعين أن الجنة مصير المؤمنين، وأن النار مقر الفاسقين؛ ليحذر⁣(⁣٦) أولو الألباب النيران، فأعملوا أنفسهم في الفرار إلى الرحمن، راغبين فيما رغبهم فيه من الجنان، فسبحان من لطف بعباده بما جعل لهم من النار في بلاده؛ تخويفاً وترهيباً ومنافع وتقوية وترغيباً، {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ ٤٢}⁣[الأنفال]، ثم قال: {مَنْ جَاءَ


(١) في (ج، هـ): خيراً.

(٢) في (ب، ج، هـ): فأمرهم.

(٣) (لهم) ساقط من (ب، ج، هـ).

(٤) سقط من المخطوطات.

(٥) في (ب، ج، هـ): فطهروا.

(٦) في (ب، ج، هـ، و): حَذِر. ولعلها الصواب.