[المسألة الرابعة: هل أراد الله تعالى خيرا في خلق النار؟]
  بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ١٦٠}[الأنعام]، وقال: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ٧ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ٨}[الزلزلة]، فجعلها لهم في الدنيا مزجرة وتخويفاً وتحذيراً من نار(١) الآخرة، مع ما لهم فيها في دار الدنيا من المنافع التي لا تحصى، والمرافق الجمة التي لا تستقصى، بها يطبخون ويخبزون، وبها من القُرّ(٢) يحترسون، وبها في ظلمات الليل يبصرون، وبها ينالون من الحديد ما ينالون من تصريفه في أسبابهم، وتقويمه لمعاشهم(٣) من أدوات حرثهم وحفرهم، وغير ذلك من منافعهم، وما يعدون لأعداء الله من السلاح، من السيوف والدروع التي تقيهم [من](٤) بأسهم، كما قال سبحانه: {وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ}[الأنبياء: ٨٠].
  ألا ترى وتسمع كيف قال رب العالمين حين يذكر(٥) بالآية عباده(٦) المتقين فقال: {أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ ٧١ ءَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ ٧٢ نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ ٧٣}[الواقعة]، فجعلها الله الواحد الأعلى منفعة في الدنيا للخلق طراً، ونكالاً في الآخرة لمن استأهلها لا تفنى.
  ففي هذا والحمد لله من الجواب ما أزاح من لب(٧) ذي الشك التحير والارتياب، وثبت في إيجاد النار الحكمة لرب الأرباب.
  تم جواب مسألته.
(١) (نار) ساقطة من (ب، ج، هـ).
(٢) القر بالضم: البرد. (معجم وسيط).
(٣) في (ب، و): لمعايشهم.
(٤) زيادة من (ب، ج، هـ).
(٥) في (ب، ج، و): حين يَذْكُر ويُذَكِّر.
(٦) (عباده) ساقط من (ب، هـ).
(٧) في (ب، ج، و): قلب.