مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[المسألة الرابعة: هل أراد الله تعالى خيرا في خلق النار؟]

صفحة 345 - الجزء 1

  بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ١٦٠}⁣[الأنعام]، وقال: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ٧ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ٨}⁣[الزلزلة]، فجعلها لهم في الدنيا مزجرة وتخويفاً وتحذيراً من نار⁣(⁣١) الآخرة، مع ما لهم فيها في دار الدنيا من المنافع التي لا تحصى، والمرافق الجمة التي لا تستقصى، بها يطبخون ويخبزون، وبها من القُرّ⁣(⁣٢) يحترسون، وبها في ظلمات الليل يبصرون، وبها ينالون من الحديد ما ينالون من تصريفه في أسبابهم، وتقويمه لمعاشهم⁣(⁣٣) من أدوات حرثهم وحفرهم، وغير ذلك من منافعهم، وما يعدون لأعداء الله من السلاح، من السيوف والدروع التي تقيهم [من]⁣(⁣٤) بأسهم، كما قال سبحانه: {وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ}⁣[الأنبياء: ٨٠].

  ألا ترى وتسمع كيف قال رب العالمين حين يذكر⁣(⁣٥) بالآية عباده⁣(⁣٦) المتقين فقال: {أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ ٧١ ءَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ ٧٢ نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ ٧٣}⁣[الواقعة]، فجعلها الله الواحد الأعلى منفعة في الدنيا للخلق طراً، ونكالاً في الآخرة لمن استأهلها لا تفنى.

  ففي هذا والحمد لله من الجواب ما أزاح من لب⁣(⁣٧) ذي الشك التحير والارتياب، وثبت في إيجاد النار الحكمة لرب الأرباب.

  تم جواب مسألته.


(١) (نار) ساقطة من (ب، ج، هـ).

(٢) القر بالضم: البرد. (معجم وسيط).

(٣) في (ب، و): لمعايشهم.

(٤) زيادة من (ب، ج، هـ).

(٥) في (ب، ج، و): حين يَذْكُر ويُذَكِّر.

(٦) (عباده) ساقط من (ب، هـ).

(٧) في (ب، ج، و): قلب.