[المسألة السابعة: من خلق الحركات؟]
  لهم السوائب، ووصّل لهم الوصائل، وحمى لهم الحام، فكانوا على ذلك حتى ظهر الإسلام، وأكرمهم الله بمحمد # فقال الله سبحانه في ذلك، ونفى عن نفسه ما رموه به من ذلك، وألزمهم فعله، وبرأ منه تبارك وتعالى نفسه، فقال: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ١٠٣}[المائدة]، أفترى الحسن بن محمد ومن استجهله فقال بقوله وذهب مذهبه يقولون لله إذ نفى ذلك من فعلهم عن نفسه: بل أنت فعلته فيهم وخلقته وركبته(١) لديهم وأدخلتهم فيه وقضيته عليهم؟ لقد كذَّبوا إذاً الرحمن العلي الأعلى، وصدَّقوا قريشاً الجاهلية الجهلاء، وكفروا بالله كفراً يقيناً، واحتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً.
  ففي هذا والحمد لله من الحجة كفاية لمن كانت له بالحق من الخلق عناية.
  ومما نحتج به على الحسن بن محمد من المقال وندحض به قوله المحال، أن يقال له: إذا كنت تزعم أن الله خلق هذه الحركات التي هي من أفعال العباد من أخذ وإعطاء، وحذو واحتذاء ولبس وارتداء، وقول ومقال وزول ومحال - فلا
= أن يدفعوها في دية ولا يحلبوا لها لبنا ولا يجزوا لها وبرا إلا أن يحلبوا لبنها إن خافوا على ضرعها في البطحاء، وإن جزوها جزوها في يوم ريح عاصف ويذرون وبرها في الرياح ولا يحملون على ظهرها ويخلون سبيلها تذهب حيث شاءت. وان ماتت اشترك في لحمها النساء والرجال فأكلوه. وأما السائبة فهي من الابل كان الرجل منهم إذا مرض فشفي أو سافر فأدى أو سأل شيئا فأعطي سيب من إبله ما أراد أن يسيبه شكراً لله ويسميها سايبة ويخليها تذهب حيث شاءت مثل البحيرة ولا تمنع من كلاء ولا حوض ماء ولا مرعى. وأما الوصيلة فهي من الغنم كانوا إذا ولدت الشاة خمسة أبطن عندهم وكان الخامس جديا ذبحوه أو جديين ذبحوهما، وإن ولدت عناقين استحيوهما فإن ولدت عناقا وجديا تركوا الجدي ولم يذبحوه من أجل أخته وقالوا قد وصلته فلا يجوز ذبحه من أجلها. وأما الأم فمن عرض الغنم يكون لبنها ولحمها بين الرجال دون النساء، فإن ماتت أكل الرجال والنساء منها واشتركوا فيها. وأما الحام فهو الفحل من الابل كان إذا ضرب عشر سنين وضرب ولد ولده في الابل قالوا هذا قد حمى ظهره فيتركونه لما نتج لهم ويسمونه حاما ويخلون سبيله فلا يمنع أينما ذهب ويكون مثل البحيرة والسائبة فلا يجوز في دية ولا يحمل عليه حمل.
(١) في (ب، ج، هـ): وتركته.