[الجواب]
  وقال سبحانه: {وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ ٥٢}[القمر]، فسمى أفعالهم شيئاً، فقد أوقع في الزبر، والزبر فهي الكتب. وقال(١) ابن عباس: إن الزبر التي ذكر الله أن أفعالهم فيها هي هذه الكتب(٢) التي أنزلها الله على أنبيائه من التوراة والإنجيل والفرقان الكريم الجليل.
  ونحن فنقول: إن الزبر هي الكتب التي ذكر الله في قوله: {وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا ١٣ اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ١٤}[الإسراء]، وفي قوله: {هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ٢٩}[الجاثية]، فهذه التي ذكر الله من الكتب عنده، وأنه يظهرها يوم دينه وحشره هي الزبر التي ذكر الله أن أفعالهم فيها لا ما قال ابن عباس من أنها هي المنزلة على أنبيائه من توراته وإنجيله، وما نزل على محمد ÷ من فرقانه، ألا تسمع كيف يقول: {وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ ٥٢ وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ ٥٣}[القمر]، وهذه الكتب المطهرة من التوراة والإنجيل والفرقان المكرمة ففيها بعض ما فعل العباد وكثير منها لم يقص خبره ولم يذكر ﷻ أمره، كما قال ذو العزة والأياد، ورافع السماء وداحي الأرض ذات المهاد: {مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ}[غافر: ٧٨]، وقال: {نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ}[القصص: ٣]، يريد: نقص عليك بعض خبرهما، وما كان من محاورتهما وأمرهما، وقال سبحانه في أهل الكهف، وما كان من سؤال قريش للنبي عنهم، فقال الله في ذلك: {إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا ٢١ سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ
(١) في (هـ): وقد قال.
(٢) (الكتب) ساقط من (ب).