[المسألة الثامنة: هل الأعمال شيء أم أنها ليست شيئا]
  بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا ٢٢}[الكهف]، وقال سبحانه: {مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ}[غافر: ٧٨]، وقال: {مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ}[القصص: ٣]، فأخبر نبيه ÷ بما كان من قول أهل بلدهم فيهم(١)، وقص عليه قبل ذلك ما كان من فعلهم في أنفسهم رحمة الله عليهم، واعتزالهم إلى الكهف، وإخلاصهم لله دينهم، ثم أمره بأن لا يماري فيهم إلا مراءً ظاهراً وكتمه عدتهم، ثم قال: {قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ} ففي كل ذلك يخبر أنه لم يعلمه ÷، ولم يخبره في كتابه من أخبار من مضى وفات في قديم الدهر [وانقضى](٢) إلا باليسير من القصص دون الكثير، ويدل على أن ما لم يقص عليه من أخبار الأمم الماضية والحقب الخالية أكثر مما قص، وأعظم وأطول وأطم، وكل ذلك فدليل من الله في واضح التنزيل على أن ما ذكر الله من الزبر التي فيها كل ما فعله العباد مستطر، غير هذه الكتب التي ذكر فيها جزءاً وترك، ولم يذكر بعضاً؛ لأن ما جمع فيه كل شيء [بخلاف](٣) ما جمع فيه بعض شيء؛ إذ نصف الشيء وبعضه خلاف الشيء كله.
  فأما الكتب التي ذكرها الله في كتابه ونزل فيها ما نزل من وحيه وقرآنه فهي ما أقسم به سبحانه حين يقسم فيقول: {وَالطُّورِ ١ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ ٢ فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ ٣}[الطور]، وقوله: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ}[النحل: ٨٩]، {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ٧٧ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ ٧٨ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ٧٩}[الواقعة]، وقال سبحانه فيما حكى عن مؤمني الجن إذ صرفهم إلى نبيه يستمعون [من](٤) القرآن فقال: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ
(١) (فيهم) ساقط من (هـ).
(٢) (وانقضى) سقط من (ب، ج، هـ).
(٣) الباء سقط من (ج، هـ).
(٤) (من) سقط من (ب، ج، هـ).