[المسألة الثامنة: هل الأعمال شيء أم أنها ليست شيئا]
  بل ما يقول - ويحه وويله من الله سبحانه وعوله - في هؤلاء المجوس الذين أقاموا لأنفسهم ناراً وبنوا لها - تعظيماً وإجلالاً - داراً(١)، ليلهم ونهارهم يؤججونها ويوقدونها، وهم في ذلك من دون الله يعبدونها، أهم اجترأوا على الله فيما فعلوا؟ أم الله أدخلهم في عبادة ما عبدوا؟
  فإن قال: بل فعله المجوس الأنجاس، وتعدى به(٢) على الله العصاة الأرجاس - فقد أصاب الجواب وأجاب في ذلك بالصواب.
  وإن قال: إن الله فعله وأدخلهم فيه وقسرهم على ذلك وأجبرهم عليه - فقد زعم أنهم يصبحون ويمسون لله مطيعين وفي مرضاته سبحانه ساعين؛ إذ هم في قضائه وإرادته متصرفون، [وفيما أدخلهم فيه داخلون، وعما صرفهم عنه من طاعته منصرفون(٣)].
  بل فليخبرنا أهل هذه المقالة من أهل المحاربة لله والضلالة: ما الذي يجب عليهم ويرضونه في أحبابهم وفيهم إذا رأوا مجوسياً يشتم الله [الرحمن](٤)؟ التغيير عليه؟ أم الإقساط إليه والإحسان؟
  فإن قالوا: بل يجب عليه التغيير والنكير إن نحن سمعنا شاتماً يشتم الرحمن اللطيف الخبير. قيل لهم: لم ذاك؟ وأنتم تزعمون في أصل قولكم أن [الله](٥) الذي فعل أفعالكم وأفعالهم دونكم، فيجب في قولكم أن الشاتم بريء من شتمه، وأن الله سبحانه الشاتم دون المجوسي لنفسه؛ إذ زعمت أن ذلك فعل الله دون مخلوقه وعبده، [فلئن](٦) كان عليه الله بذلك قضى [فما قضى(٧)] إلا بما أراد
(١) (دارا) ساقط من (ب).
(٢) في (ب، ج، هـ، و): فيه.
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (ب، ج، هـ).
(٤) زيادة من (ب، ج، هـ، و).
(٥) (الله) غير موجود في (ب، ج، هـ).
(٦) (فلئن) سقطت من (ب، ج، هـ).
(٧) بدلها في (ب، ج، هـ): وأمضى. ولعلها تصحيف.