[المسألة التاسعة: الآجال]
  سبحانه وارتضى، أفتنكرون على المجوس المؤتمرين بما أراده منهم رب العالمين؟! لقد إذاً سخطتم من [فعل(١)] الله ما ارتضى ورضيتم له من ذلك ما لم يرد ولم يشأ، بل الواجب في ذلك على كلكم إن كان القول في الله كقولكم - تكرمة المجوس والإحسان إليهم؛ إذ قد قاموا لله بما قضى به عليهم، فهم لله في قولكم ومذهبكم مطيعون، وأنتم ومن قال بقولكم لله سبحانه عاصون؛ إذ أنتم لما أراد منهم ولم ينكره عليهم منكرون، وأنتم لهم ظالمون، وعليهم بالمنكر متحاملون.
  ففي قليل مما احتججنا به من عدل الله ما كفى عن إعادة ما ذكرنا أولاً، وشفى - والحمد لله - عن التطويل وأغنى، غير أنا لا نجد بداً إذا كرر وسأل من أن نشرح ونفسر كل ما يقوله من المقال، وإذا احتج بالمحال أبطلناه، وإذا عارض الحق بالباطل دمغناه، كما قال مولانا لا مولاه: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ ١٨}[الأنبياء]، وقال في تولي المحقين وخذلان المبطلين: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ ١١}[محمد]، يقول سبحانه: لا ولي ولا متولي(٢) ولا مرشد لهم ولا كافي.
  تم جواب مسألته
[المسألة التاسعة: الآجال]
  ثم أتبع ذلك المسألة عن الآجال فقال: خبرونا عن الآجال مَنْ وقَّتها؟ أموقتة هي أم غير موقتة؟
  فإن قالوا: الله وقتها، فقد أجابوك. فقل: هل يستطيع أحد أن يزيد فيها أو ينقص منها؟ إن شاء عجلها عن وقتها وإن شاء أخرها؟ فإن قالوا: لا، فقد انتقض عليهم قولهم. وإن قالوا: نعم، فقل لهم: فقد زعمتم أن الناس يستطيعون أن يقدموا ما أخر الله، ويؤخروا ما قدم الله، وهذا هو التكذيب لما جاء من عند الله، وذلك قوله: {وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ
(١) ما بين المعقوفين زيادة من (ب، ج، هـ).
(٢) في (ب، ج، هـ): مولى.