[الجواب]
  وقال: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا ٣٣}[الإسراء]، فقال: {قُتِلَ مَظْلُومًا} فأخبر بقوله: «مظلوماً» أن له قاتلاً ظلوماً عنيداً، {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ٤٦}[فصلت]. فإن كان قتل بأجله فأين الظلم ممن قد استوفى كل أمله(١) وفنيت حياته وجاءت وفاته، وفنيت أرزاقه وانقضت أرفاقه؟ فما يرى إذاً ذو عقل للقاتل في مقتول فعلاً، ولا عليه تعدياً ولا قتلاً، ولا جناية ولا ظلماً، ولا يرى له حاكم عليه حكماً أكثر من جرح إن كان جرحه أو وكز إن كان وكزه؛ لأن قاتله ومفني أرزاقه ومبيد أيام حياته هو رب العالمين في قول الجاهلين، ولو كان ذلك كذلك لنجا القاتل من المهالك، ولم يكن على من جرح إنساناً متعمداً(٢) جرحاً فقتله أكثر من أن يجرح جرحاً مثله ويخلى، فإن مات منه مضى، وإن برئ منه فقد سلم ونجا.
  وكذلك قال الله: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ}[المائدة: ٤٥]، فما معنى قوله: {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ}[المائدة: ٤٥]، عندهم، وماذا يقع عليه حقاً ظنهم؟ أشيء سوى إخراج نفسه من جسده كما أتلف وأخرج نفس صاحبه بجرحه؟ ولو كان كما يقولون لكان واجباً على الحكام إذ يحكمون أن يقتصوا منه لأولياء المقتول جرحاً، وخلوا عنه من بعد ذلك، ولا يطلبوا لنفسه تلفاً ولا قتلاً، وإن انقطع أمله وحان أجله مات، وإن لم يحن أجله ونجا من القتل والفوات، فيكون قد أتوا على ما قال الله في قوله: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ}.
  لا، بل أراد سبحانه من ولي الأمر إخراج نفسه وإتلاف روحه وقطع عمره؛ ليجد غبّ ما اكتسب من فعله.
  وقال سبحانه: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا}[الإسراء: ٣٣]، فما هذا السلطان الذي جعله الله لولي المقتول، عند من قال بهذا البهتان والزور
(١) في (ب، ج، هـ): ليله.
(٢) في (هـ) متعدياً.