[المسألة التاسعة: الآجال]
  من القول المخبول؟ فلا يجدون بداً - ولله الحمد - من أن يقولوا: إنه ما جعل الله له من القتل عليه وأطلقه له فيه بجناية يديه، فله أن يقتله [بقتله](١) إن شاء، وإن شاء أخذ الدية أو عفا.
  ثم يقال لهم: هل جعل الله له سلطاناً على ما يقدر إذا شاء عليه أم على ما لا يصير أبداً إليه؟ فإن قالوا: على ما يقدر عليه، فقد رجعوا عن مقالتهم، وتابوا إلى الله من جهالتهم.
  وإن قالوا: على ما لا ينال - فقد أبطلوا كتاب الله ذي الجلال ونسبوه سبحانه إلى الاستهزاء وقول الزور في ذلك والردى.
  ثم يقال لهم: هل يقدر أحد من المخلوقين على قتل أحد من المربوبين، وإن كان لم ينقطع أجله، ولم يفن في ذلك أمله، ولم يبلغ المدى الذي جعله الله مداه وصيره له أجلاً وجعله منتهاه؟
  فإن قالوا: يقدر على ذلك منه بما جعل الله من الاستطاعة فيه - فقد تركوا قولهم وقالوا بالحق، ورجعوا وقالوا على خالقهم سبحانه بالصدق.
  وإن هم قالوا بخلاف ذلك - فقد أبطلوا ما جعل الله لولي المقتول من السلطان، وأكذبوا الله فيما أنزل من البرهان.
  وإن قالوا: نحن نقول: إن السلطان هو قتله بما قتل، ولم يمكن الولي تركه أبداً؛ لأنه إذا وجب عليه السلطان فقد انقطعت حياته، وحلت وفاته، فلم يقدر على تخلية سبيله، ولا بد للولي من أن يقتله بقتيله. قيل لهم: فأين قول الله ﷻ وتقدس عن أن يحويه قول أو يناله: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ}[البقرة: ١٧٨]، فما معنى: {عُفِيَ}؟ وإن جحدوا القرآن وأبطلوه كفروا، وإن سلموا للحق فقالوا: يمكنه العفو والصفح وأن يتصدق بذلك ويهبه ويأخذ
(١) ما بين المعقوفين في (ب، ج، هـ).