[المسألة التاسعة: الآجال]
  الدية منه ويتركه قيل لهم: يا سبحان الله! ما أشد تناقض قولكم وأفحش ما تجيبون به من مذهبكم ورأيكم، ألستم تقولون في أصل مقالتكم: إنه لا يوقف ولا يقدر عليه، ولا ينال منه حتى ينقطع أجله، فحينئذ يقتله من أطلق له قتله، وأنه إذا سُلِّمَ إلى صاحبه فقد انقطع أجله وذهبت أيامه، فكيف إذاً يقدر ولي القتيل(١) على تركه والعفو عنه؟ وعلى تخلية سبيله يعيش ويأكل ويظل يمشي ويقعد ويورد ويصدر ويقبل ويدبر، وقد انقطع أجله وذهبت أيامه وفنيت أرزاقه؟ أيقدر هذا على أن يعفو والعفو يكون به للقاتل الحياة وتزول عنه الوفاة؟ فكيف يقدر على ذلك وقد انقطع [عنه(٢)] بزعمكم أجله، وذهب عمله وفني رزقه وكتب الله عليه موته؟ كذب العادلون بالله وقالوا ظلماً واستحقوا بذلك عند الله إثماً وجعلوا أمور الله كلها عبثاً وهزؤاً.
  ويقال لهم: ما تقولون في قول الله سبحانه: {وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ٦١}[البقرة]، فسمى الله الجليل قتلهم لكل من قتلوا من قتيل عصياناً، وذكره منهم جوراً وعدواناً، فما قولكم في ذلك؟ وما تدينون به وتعتقدون؟ أتقولون إن قتل الفاسقين لمن قتلوا من المؤمنين كان بأمر من رب العالمين، وقضاء منه على الكافرين؟ ولو كان ذلك كذلك لوجب لمن أنفذ قضاء ربه أجزل الثواب على فعله وأمره، وقد وعدهم الله على ذلك النيران، وألزمهم في ذلك اسم العدوان، وهذا فأعظم الكفر بالرحمن، وما لم يقل به عليه الشيطان.
  وإن قلتم: بل كان ذلك لمن فعله فعلاً، ومنهم على المؤمنين اعتداء - انتقض قولكم، ورجعتم إلى الحق في الله والصدق.
  ويقال لهم: إذا(٣) زعمتم أن الأجل انقطع بأمر الله، وأن الله جاء به، وأن
(١) في (ب، هـ) القتل.
(٢) ساقط من (ب، ج، هـ، و).
(٣) في (ب، ج، هـ، و): إذ.