مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[المسألة التاسعة: الآجال]

صفحة 370 - الجزء 1

  طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَاءِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً}⁣[النساء: ١٠٢]، أفتقولون: إن الله سبحانه أمر نبيه أن يعبئ أصحابه فرقتين⁣(⁣١)، فرقة تؤدي معه صلاة الفريضة، وفرقة تحرس النبي وأصحابه وتلقى الكريهة، وليس في ذلك منفعة ولا خير، ولا دفع ما يخاف من التلف والضير، من ميل العدو على المؤمنين ميلة واحدة، فيكون في ذلك ما يخاف من الواقعة، وأن ما أمر الله به من الاحتذار والحذر غير نافع له ولا لأصحابه، وأن آجالهم إن كانت قد جاءت قتلهم أعداؤهم، احترسوا أم لا، وإن لم تكن جاءت لم يقدروا عليهم ولو ألقوا بأيديهم إليهم؛ فهذا من قولكم أعظم التخطئة لربكم، وأجهل الجهل لنبيكم، لقد أبطلتم إذاً كتاب الرحمن، وقلتم شططاً وبهتاناً.

  ويقال للجهلة الضالين من المشبهين المجبرين: ما قولكم في قول ربكم وما يخرج⁣(⁣٢) ذلك عندكم حين يقول سبحانه: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ}⁣[الأنفال: ٦٧]، ما أراد الله بهذا من قوله؟ أليس هذا عتاب منه لرسوله يخبره أنه لم يكن ينبغي له أن يأسرهم ولا يطيع⁣(⁣٣) أصحابه في التشاغل بأخذهم دون الإثخان لهم بقتلهم؟ ثم قال سبحانه وجل جلاله وعز سلطانه: {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا}⁣[الأنفال: ٦٧]، يريد بذلك ما أخذوه منهم وفيهم من الفداء ثم قال: {وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ٦٧}⁣[الأنفال]، يقول: والله يريد منكم الاجتهاد في أمر الآخرة، وما يقربكم إليه ويزيد في كرامتكم لديه، ثم قال: {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ [لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ


(١) في (ب، ج، هـ) فريقين.

(٢) في (ب، ج، هـ، و): مخرج.

(٣) في (هـ): يطمع.