[الجواب]
  وآتاه وصيَّر إليه بما قدره له وأعطاه، فقالوا في ذلك بتجوير الرحمن ونسبوه إلى الظلم والعدوان، فقالوا: إنه يطعم ويرزق عباده طعاماً، ثم يكتبه عليهم حراماً، فيوجب عليهم على قبول ما أعطاهم العقاب، ويحرمهم بأخذ ما صير إليهم الثواب.
  وقد وجدناه سبحانه يكذبهم في قولهم، ويبين ذلك لنا ولهم بما قسم بين عباده من الأرزاق، ورفق عليهم من الأرفاق، من ذلك ما حكم به في الغنائم والصدقات وما جعل من ذلك لذوي المسكنة والفاقات، فقال سبحانه: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ ...} الآية [التوبة: ٦٠]، فحكم بذلك لمن سمى من أولئك فحرمهم ذلك(١) الفاسقون، وأكله دونهم الظالمون، فشربوا به الخمور، وركبوا به الذكور، وأظهروا به الفجور، وأصروا على معاصي الله إصراراً، وجاهروا الله بالمعصية في ذلك جهاراً، فأعد الله لهم على ذلك النيران، وحرمهم ثواب الجنان.
  وكيف يقول الحسن بن محمد ذو الغفلات ومن تبعه من ذوي الجهالات: إن الله سبحانه رزق هؤلاء الظالمين هذا، وقد حكم به في كتابه للفقراء والمساكين، وقال الله سبحانه: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ}[الأنفال: ٤١]، فحكم بذلك لنفسه ولرسوله وقرابة(٢) نبيه ومن سمى من اليتامى والمساكين وابن السبيل في تنزيله، فاستأثر به الفاسقون عليهم، ولم ينفذوا ما جعل الله من ذلك لهم، بل دحروهم دحوراً(٣)، ونصبوا لهم دونه العداوة سراً وجهراً، وقد جعله الله لأوليائه رزقاً، وحكم لهم به حكماً حقاً فغلب عليه الفاجرون، وظلموهم فيه ظلماً.
  وقال سبحانه: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ
(١) في (ب، ج) (بذلك) ولعلها خطأ.
(٢) في (ب) ولقرابة.
(٣) في (ب، ج، هـ، و): دحراً. ولعله الصواب.