مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[المسألة العاشرة: هل الأرزاق مقسومة من عند الله؟]

صفحة 374 - الجزء 1

  وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ٧}⁣[الحشر]، فكان الذي أتى به ÷ ما أنزل الله في وحيه من فرائضه وقسمه فيه في أوليائه من خلقه، فخالف على⁣(⁣١) ذلك الفاجرون ورفضوا ما جاء به خاتم النبيين من الله رب السموات والأرض فجعلوه دولة بين أغنيائهم، وحرموه من جعله الله له من فقرائهم؛ عماية وصمماً، ومجاهرة لله وظلماً، فأخذوا ما جعل الله لغيرهم، وتعدوا ما حكم الله به فيهم، ولا يشك من كان لبه سالماً، وكان بأمر الله عالماً أنهم على ذلك معذبون، وأنهم على مخالفته فيه مسؤولون.

  فكيف يقول الحسن بن محمد: إن الله رزق هؤلاء الظالمين المعتدين الفاسقين رزقاً ثم صيره لهم وسلمه في أيديهم ثم يعذبهم عليه ويحاسبهم فيه؟ أم كيف يجترئ ويقول: إن الله رب العالمين والسموات والأرض⁣(⁣٢) جعله لمن حكم له به من ضعفة المسلمين، ثم انتزعه منهم فجعله رزقاً للأغنياء الفاسقين دونهم؟ فكيف يكون ذلك والله سبحانه يقول: {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ}؟ أوَلم يسمع من ضل وغوي فقال على خالقه بالقول الردي - الله سبحانه كيف يقول في الوحي المذكور في كتابه المسطور: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ١٠}⁣[النساء]، فعلم أن في خلقه من سيأكل أموال اليتامى عدواناً وظلماً فنهاهم عن ذلك، وحرمه عليهم، وحكم بعذاب السعير لمن استجاز ذلك فيهم، أفيقول المبطلون: إن الله سبحانه جعل أموال اليتامى لمن نهاه عن أكلها رزقاً، ثم نهاهم عن أكل ما رزقهم وآتاهم؟ لقد قالوا على الله كذباً، وضلوا ضلالاً بعيداً.


(١) في (هـ): عن.

(٢) في (ب، ج، هـ): والأرضين. ولعله الصواب.