[المسألة الحادية عشرة: تقسيم العقول بين الخلق]
  عضاهاً(١) وأبّاً، فكل ما أخرج قد سماه لأهله، ومن يملكه رزقاً، فهو رزق لمن أجاز الله له أكله وأحل له أخذه وأمره عليه بشكره، فقال: {كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ٦٠}[البقرة]، وقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ١٧٢}[البقرة]، [وقال: {فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ١١٤}[النحل](٢)]، فرزق ذو المن والسلطان والجبروت والبرهان كل عبد ما أحل له وأمره بأخذه، فأما ما نهاه عن أكله وعذبه في قبضه فليس ذلك لعمرهم من رزقه، وكيف يجوز على ذي الجلال والجبروت أن يجعل لعباده سبحانه رزقاً وقوتاً به يعيشون وفيه يتقلبون، ثم ينهاهم عن أخذ ما أعطاهم وإليه ساقهم وهداهم.
  فهذا والحمد لله لا يغبى على من وهبه الله علماً وآتاه تمييزاً ولباً، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد خاتم النبيين وعلى أهل بيته الطيبين.
  تم جواب مسألته
[المسألة الحادية عشرة: تقسيم العقول بين الخلق]
  ثم أتبع ذلك المسألة عن العقول فقال: خبرونا عن العقول أمخلوقة هي أم غير مخلوقة؟ فإن قالوا: مخلوقة. فقل: أمقسومة هي بين العباد أم غير مقسومة؟ فإن قالوا: بل هي مقسومة. فقل: فأخبرونا من أين عرف بعض الناس الهدى فأخذ به، وجهله بعضهم فتركه، وكلهم حريص على الهدى كاره للضلالة، راغب في العلم مبغض للجهالة، وقد زعمتم أن الله قد جعل سبيلهم واحداً وعقولهم واستطاعتهم واحدة، وهي حجة الله عليهم؟
  فإن قالوا: بتوفيق من الله، فقد أجابوا. وإن قالوا: أخذ هداه منهم من أحب
(١) العضاة: كل شجر له شوك صغر أم كبر. (معجم وسيط).
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).