[الجواب]
  وتركه منهم من اتبع هواه، وأطاع إبليس إلى دعائه. قيل لهم: فما صير بعضهم تابعاً لهواه، والعقول فيهم كاملة مستوية؟
  فإن قالوا: بتوفيق من الله وفَّق من شاء منهم. فقد أجابوا.
  وإن قالوا: فضل الله بعضهم على بعض، فقد صدقوا. وإن قالوا غير ذلك فقد كذبوا؛ لأنه لو كان الناس في العقول سواء، ما كان من الناس جاهل وعاقل، وأحمق وحليم، ولسمي الجاهل عاقلاً، والعاقل جاهلاً، ولكن الأمر في هذا أبين من ذلك، ولكنهم قوم يجهلون. وإن قالوا: ذلك من قِبَل الأدب والتعليم. فقل: لو كانت عقولهم مستوية، ما احتاج بعضهم إلى بعض في أدب ولا تعليم. تمت مسألته.
[الجواب]
  وأما ما عنه سأل وقال مما ألحد(١) فيه من المقال، فقال: أخبرونا عن العقول أمخلوقة هي [أم](٢) مقسومة أم غير مخلوقة ولا مقسومة؟ فنحن والحمد لله نقول: إن الله خلق العقول وأوجدها فيهم وجعلها حجة له عليهم، وسببها لهم سبحانه وتعالى تسبيباً، وركبها فيهم احتجاجاً عليهم تركيباً، فهي حجة الله العظيمة ونعمته على خلقه الكريمة، تدعو أبداً إلى الخير والهدى، وتنفي عن الخلق الضلالة والردى، تدل على الخالق ذي الجلال، وتنفي عمن أراد الحق التكمه والضلال، فهي أبداً لمن استعملها داعية إلى الإسلام، مخرجة له(٣) من حنادس دياجير الظلام.
  ثم قسمها سبحانه بين خلقه؛ ليدلهم على ما أوجب عليهم من حقه، فأعطى كل من أوجب عليه أداء فريضة منها أكثر مما يحتاج إليه في أداء ما افترض عليه،
(١) في (ب، هـ): اتخذ.
(٢) (أم) ساقطة من (ب، ج).
(٣) (له) ساقطة من (ب، ج، هـ).