مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[الجواب]

صفحة 380 - الجزء 1

  فليس منهي يجب عليه عقاب، ولا مأمور يجب له ثواب إلا وقد ركب الله فيه من العقل، وقسم له وعليه أكثر من الحاجة في أداء مفترضه وما يخرجه بحمد الله إن استعمله من جهالته.

  ثم أمرهم باستعمال ما أعطاه ممن الحجة المركبة فيهم، وأخبرهم أنهم إن لم يستعملوها لم يصلوا إلى علم ما لعلمه أعطوها، فأمرهم أن يستعملوها فيفكروا⁣(⁣١)، وينظروا ويميزوا ويتدبروا، فإذا فكروا وميزوا بتلك الحجة التي لن يضل معها طول الأبد إن أنصفها - بحمد الله - من أحد، ولذلك ما قاله عن أن يحويه قول أو يناله: {فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ ٢}⁣[الحشر]، يقول: انظروا بأبصاركم ثم دبروا فاعتبروا بعقولكم فيما ترون وتبصرون، هل له من خالق غير الله فيما تعلمون؟ كما قال سبحانه: {أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ٤٣}⁣[الطور]، وقال: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ ٩}⁣[الزخرف]، وقال: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ ٧١ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ٧٢ وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ٧٣}⁣[القصص]، ثم قال تنبيهاً لهم وحثاً على استعمال العقول؛ ليصح لهم الحق من القول إذا نظروا، وفيما ذكر الله مما أراهم وفطر لهم تفكروا فقال الله سبحانه: {حم ١ تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ٢ إِنَّ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ ٣ وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ٤ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا


(١) في (ب، ج، هـ) (فيتفكروا).