مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[الجواب]

صفحة 385 - الجزء 1

[المسألة الثانية عشرة: نفوذ إرادة الله]

  ثم أتبع ذلك المسألة عن الإرادة فقال: أخبرونا عن الإرادة إذا أراد الله شيئاً يكون أو لا يكون؟ فإنه قد قال الله: {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ١٦}⁣[البروج]، فإن قالوا: نعم، قيل لهم: وهل أراد الله أن يدخل خلقه كلهم في الهدى؟ فإن قالوا: نعم، قد أراد أن يدخلوا كلهم في الهدى على غير جبر منه ولا إكراه، فيقال لهم: فهل دخلوا في الهدى كما أراد على غير وجه الجبر منه لهم والإكراه؟ تمت مسألته.

[الجواب]

  وأما ما سأل عنه من إرادة الله سبحانه فقال: إذا أراد الله شيئاً يكون أو لا؟ فإنه قد قال الله تعالى⁣(⁣١): {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ١٦} - فكذلك قولنا في خالقنا ومصورنا وبارئنا ومميتنا ومحيينا، سبحانه وجل وتقدست أسماؤه كما قال في نفسه: {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ١٦} فكل ما شاء أن يفعله سبحانه فعله.

  ثم نقول من بعد إثبات القدرة للرحمن ونفي التشبيه والتجوير عنه في كل ما شاء⁣(⁣٢): إن الإرادة من الله على معنيين نيرين عند من علمه الله وفهمه بيِّنَين؛ فإحداهما إرادة حتم [وجبر]⁣(⁣٣)، والأخرى إرادة أمر، معها⁣(⁣٤) تمكين وتفويض.

  فأما إرادة الحتم فهي: ما أراد من خلق السموات والأرض والجبال وما أنبت من الأشجار: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ٨}⁣[النحل]، وما أراد سبحانه من قضاء الموت على خلقه من جميع أهل سماواته وأرضه، والذهاب والفوت فقال سبحانه: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ


(١) (تعالى) من (ب).

(٢) في (ب، ج): شأن.

(٣) (وجبر) ساقط من (ب، ج، هـ).

(٤) في (ب، ج، هـ): يتبعها.