[الجواب]
  وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ١٨٥}[آل عمران]، وقال: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ٢٦ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ٢٧}[الرحمن]، فأخبر بما حكم به على خلقه، وبما ألزمهم في ذلك وأوجبه عليهم من حتمه فقال: {قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ٢٦}[الجاثية]، وقال لنبيه ÷ إخباراً منه بما حتم عليه: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ٣٠}[الزمر].
  ومن إرادة الحتم التي أراد [الله](١) فعلها ففعلها قوله: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ١١ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا}[فصلت]، فكان قضاؤه فيهن خلقه سبحانه لهن حين أراد إيجادهن فأوجدهن وصورهن، وأوحى ما شاء فيهن من أمرهن.
  ومن ذلك ما يقول الواحد الجبار ذو الملكوت الغفار: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى}[الزمر: ٤٢]، فذكر أن الموت منه، وأنه يقضي به ويبديه، فكان هذا منه في خلقه إرادة حتم ليس لأحد فيها منهم فعل.
  ومن ذلك ما قال الله سبحانه: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ١٦}[ق]، فأراد خلقه فخلقه وقال: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ١٣}[الحجرات]، فأخبر عن نفسه بما أراد أن يجعله منهم فجعله وصوره وأوجده كما قال: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ٨٢}[يس].
(١) (الله) غير موجود في (ب، ج، هـ).