[الجواب]
  لا يقدرون على السمع والاستماع، وعلى البصر فلا يقدرون على الإبصار والانطباع، وذلك فأبين الأمر وما لا ينكره من عقل، ألم تر وتسمع أن الجاهلية كانوا أرصن عقولاً وأعظم أحلاماً وأكثر أفهاماً من أهل هذا الدهر، ولذلك قالت قريش للرسول فيما كان يعيب من آلهتهم ويبين لهم في ذلك من جهالتهم، فكانوا يقولون لعمه أبي طالب ومن قام معه دون رسول الله صلى الله عليه وعلى أهل بيته وقرابته: عاب آلهتنا وسخف عقولنا، وأطاش أحلامنا، فكانوا ذوي أحلام وعقول جمة وأفهام، فكيف يكون من طبع على قلبه على ما قد(١) يسمعون عنه من فهمه؟ وكذلك كانوا يستمعون إلى الرسول إذا قرأ القرآن ويقولون في قراءته كل قول، ويدبرون فيه التدبير، ويسطرون فيما جاء به الأساطير، من ذلك ما كان يقول ويتبعونه عليه من القول منهم الوليد بن المغيرة اللعين، وكانوا له على كفره تابعين، حين تلا عليهم قول رب العالمين فقال ما حكى الله عنه في سورة (نون) حين يقول: {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ ١٠ هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ ١١ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ ١٢ عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ ١٣ أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ ١٤ إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ١٥}[القلم]، وكذلك كان يقول الوليد الملعون: {إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ ٢٥}[المدثر]، ويقولون: {مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ ١٤}[الدخان]، كما حكى الله في الكتاب المكنون وقال فيهم ربهم وذكر عنهم ومنهم، فقال سبحانه: {أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ ١٣ ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ ١٤}[الدخان]، ويسمعهم ما كان رسول الله ÷ يحاججهم(٢) به ويقرأ القرآن عليهم، ويأمره الله سبحانه بذلك فيهم فيقول: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ٢١٤ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ٢١٥}[الشعراء]، وقال ﷻ وصدق في كل قول مقاله: {وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا ١٠}[المزمل]، وقال: {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ
(١) (قد) ساقط من (ب، ج، هـ).
(٢) في (ب، ج، هـ): يحاجهم.