[المسألة الثالثة عشرة: الطبع والختم]
  به العرب لمن ذكر في ملأ من الناس عن إنسان شيئاً مما يفعله ويكتسبه ويصنعه من الردى والخنا: يا فلان طبعت ويحك فلاناً عندهم وأفسدته وطرحته بما طبعته به من أعينهم.
  فعلى ذلك يُخرَّج الطبع من الله لقلوب الفاسقين عند ملائكته المقربين وأنبيائه المرسلين وعباده المؤمنين، فيكون طبعه لها عندهم هو ما ذكر وأخبر به عنها من باطن إسرارها وفاحش إضمارها وفسادها، وقلة قبولها للحق واهتدائها، وكفرها لربها وحسدها لنبيها، وبما فيها من الدَّغَل(١) والعداوة لخاتم النبيين والمشاقة لرب العالمين، والمنافقة للمؤمنين، والصد عن سبيل أحكم الحاكمين كما قال أصدق الصادقين: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ ٣٢}[محمد]، فيكون ما قص عنهم من قصصهم وأخبر به من الضلالة عنهم ومن الحيرة والتكمه(٢) والجهالة والكفر والشقاق والسفالة، وما سماهم به من ذلك ودعاهم - طبعاً طبعهم به.
  فهذه والحمد لله حجة فيما سأل عنه من الختم والطبع، شافية مجزية لمن أراد الحق من جميع الناس كافية، والحمد لله على توفيقه، ونشكره على تسديده، وكذلك يقول المحقون، لا ما قال في الله المبطلون: إنه سبحانه ختم على الأسماع فلا تسمع، وعلى الأبصار فلا تنفع، وأنه على قلوب الكافرين طبع، ثم أمرهم بخلاف ما فعل بهم، وكلفهم فعل ما منه منعهم، وعنه سبحانه حجزهم، ثم عذبهم على ترك ما لا يقدرون على فعله لما قد حجزهم عنه به من طبعه وختمه، فتعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، وخسر المبطلون خسراناً مبيناً.
  تم جواب مسألته.
(١) الدغل: عيب في الأمر يفسده. (معجم وسيط).
(٢) تكمَّه فِي الأَرْض: ذهب متحيراً ضَالاًّ لا يدْرِي أَيْن يتَّجه. (معجم وسيط).