مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[الجواب]

صفحة 397 - الجزء 1

  بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ ٧٦ فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ}⁣[التوبة]، فسنجيب إن شاء الله في ذلك من الجواب بما يقبله ذوو الإنصاف والألباب فنقول في ذلك على الله سبحانه بالصواب:

  فأما قوله سبحانه: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ٨} فهم المنافقون الذين كانوا يحتجرون من الرسول ومن المؤمنين بانتحال الإيمان وتلاوة ما أنزل من القرآن، وقلوبهم لذلك منكرة وفي دين الله فاجرة وبه سبحانه كافرة، فهم يراؤون بألسنتهم الرسول مخافة القتل والتنكيل، وهم عن الله بضمائرهم حائدون، وللحق بينهم وفي سرائرهم معاندون، ألا تسمع كيف يقول فيهم، ويدل بصفاتهم عليهم حين يقول: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ ١٤}⁣[البقرة]، وقال سبحانه يخبر عنهم بما هم فيه وما يجتمعون في خلواتهم من المشاقة عليه: {وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ٧٦}⁣[البقرة]، ومن ذلك ما قال الله سبحانه في الأعراب: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ١٤}⁣[الحجرات]، ومن قولهم بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ما يقول الله سبحانه: {سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ}⁣[الفتح: ١١]، فأخبر الله عنهم بما كان من كذبهم فيما ذكروا أنه شغلهم، وأخبر بنفاقهم وتوهمهم⁣(⁣١) ما وهمَّوا نبيه ÷ من إحقاقهم فيما طلبوا منه من الاستغفار لهم والصفح في ذلك عنهم، فأمره الله سبحانه أن يخبرهم أن استغفاره


(١) في (و): وتوهيمهم.