مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[المسألة الرابعة عشرة: معنى زيادة المرض من الله في قلب الإنسان]

صفحة 398 - الجزء 1

  لهم غير دافع عقوبة الله عنهم إذا أراد الله الانتقام في ذلك منهم فقال سبحانه: {قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ١١}⁣[الفتح]، ثم أخبر نبيه ÷ من⁣(⁣١) أمورهم بما كانوا يتوهمون أنه قد غبي عليه علمه مما كانوا ظنوه وأجنوه في صدورهم فقال ذو المعارج والجلال: {بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا ١٢}⁣[الفتح]، فأخبرهم سبحانه بما ظنوا من الظن القبيح في الرسول والمؤمنين وتوهموا، وما زين في قلوبهم الشيطان من ذلك وأملى، وأنهم كانوا في ذلك قوماً بوراً.

  وأما قوله وتقدس عن أن [يحويه قول و] يشبهه⁣(⁣٢) شيء أو يناله: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ١٠} فقد يخرج على معنيين وكلاهما إن شاء الله للحق مضاف، فأما أحدهما: فأن يكون المرض الذي في قلوبهم هو الشك الذي هم فيه يلعبون من جحدانهم لما يرون من آيات ربهم، فقلوبهم؛ لذلك مريضة، فلا يؤدون لله سبحانه من فرائضه فريضة، فهم في شكهم وتعنتهم يترددون، وفي خطيئاتهم⁣(⁣٣) وطغياء⁣(⁣٤) حيرتهم يعمهون كما قال سبحانه: {بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ ٩}⁣[الدخان]، فقد تكون زيادة الله لهم من المرض الذي ذكر أنه في قلوبهم؛ لشكهم وضلالهم هو بما يزيد نبيه ÷ من الوحي والبرهان وتنزيل ما نزل من القرآن الذي به مرضت قلوبهم ومنه دويت صدورهم، فكلما زاد الله منه نبيه تبياناً وعلماً وخيراً وفضلاً وحكماً - ازداد لذلك مرض قلوبهم تراكماً، وزادهم الله بتنزيل الحق غيظاً وغماً.


(١) في (ب، ج): عن.

(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (ب، ج، هـ).

(٣) (خطيئاتهم) ساقط من (ب، ج، هـ).

(٤) (وفي خطيئاتهم وطغياء) بدلها في (ب، ج، هـ): وفي طخياء.