مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[المسألة الرابعة عشرة: معنى زيادة المرض من الله في قلب الإنسان]

صفحة 399 - الجزء 1

  وقد يكون ذلك المرض حل في قلوبهم لشدة الحسد منهم لنبيهم ÷ على ما جعل الله من البركات واليمن في كل الحالات لديه، ولما خصه الله به دونهم وآثره به سبحانه عليهم من هبوط الملائكة نحوه، وما عظم به الله⁣(⁣١) له خطره وقدره، فجعله الله له صفياً يوحي إليه، وينزل إليه وحيه بفرائضه عليه، وما خصه به من أن جعل طاعته له طاعة، ومعصيته له معصية، فقال: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ}⁣[النساء: ٨٠]، وقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ}⁣[النساء: ٥٩]، وقال سبحانه: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}⁣[الحشر: ٧]، وقال: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ}⁣[الفتح: ١٧]، فلما أن رأت قريش هذه الكرامات البينات النيرات التي لا يقدرون على دفعها ولا يأتون أبداً بمثلها اشتد لذلك حسدها لرسول رب العالمين وعهدوا⁣(⁣٢) عليه وعلى من تبعه⁣(⁣٣) من المؤمنين فمنعه الله منهم، ورد حسدهم وبغيهم في نحورهم، فنصبوا له المحاربة وطالبوه أشد المطالبة فردهم الله بغيظهم، كما قال سبحانه: {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا ٢٥}⁣[الأحزاب]، وذلك حين تحزبت قريش والعرب وطلبوا رسول الله ÷ غاية الطلب فكفاه الله في ذلك اليوم والمسلمين القتال بأخيه ووصيه علي بن أبي طالب أفضل المستشهدين، فقتل عمرو بن عبد ود اللعين، وكان عماد المشركين وفارس المتحزبين، فانهزم بقتله⁣(⁣٤) جميع الكافرين، وفَلَّ الله حد المبطلين، وأظهر دعوة المحقين، ونصر رسوله خاتم النبيين، وكبت أعداءه المحادين، قال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ


(١) (الله) غير موجود في (ب، ج، هـ).

(٢) أي: تعاهدوا، يعني: أنهم أخذوا من بعضهم الآخر العهود والمواثيق ضد رسول الله ÷.

(٣) في (ب) (معه) بدل: تبعه.

(٤) في (ج، هـ): لقتله.