مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[المسألة الرابعة عشرة: معنى زيادة المرض من الله في قلب الإنسان]

صفحة 401 - الجزء 1

  أخلف، ولسواه سبحانه أكذب، فكاذبوا بيناتهم، وأبطلوا بالزور قالاتهم، فدعت حالةٌ حالةً، حتى تكمهوا في الغي والضلالة، ودعا ما كان منهم أولاً من الكذب والإخلاف إلى قلة الصدق والإنصاف، فحل بينهم التضاغن وذهب عنهم الائتلاف، فعاد كل منافق في قوله غير صادق، فكان الذي أعقبهم النفاق آخراً هو فعلهم للكذب والإخلاف أولاً، فجرّ فعل الصغائر إلى ارتكاب الموبقات الكبائر حتى صار ذلك لهم عادات، وكان لهم وعليهم علامات، يعرفون بها دون غيرهم ودلالات.

  فهذا أيضاً معنى يصح في اللسان، ويعرفه من كان ذا بيان، والحمد لله ذي الجلال والبرهان والجبروت والسلطان.

  وأما ما سأل عنه من معنى قول الله سبحانه: {إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ} فقد يمكن أن يكون المعني باللقاء هو الله الرحمن الأعلى يريد بقوله: {يَلْقَوْنَهُ} أي: يلقون حكمه ويعاينوه⁣(⁣١). وقد يكون الذي يلقونه ما تقدم من عملهم ومضى، فيعاينوه في الآخرة يوم الحساب، ويجدونه عند الله مثبتاً في الكتاب، كما قال سبحانه: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ ١٢}⁣[يس]، وقال: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ٧ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ٨}⁣[الزلزلة]، يقول سبحانه: يرى جزاءه ويعاين ما حكم عليه به من الخير والثواب والعذاب والعقاب، فيكون لقاؤهم لأعمالهم هو توقيف الله لهم على القليل والكثير من أفعالهم، وما يكون منه سبحانه على ذلك من جزائهم، فيلقى المحسنون ما وعدهم الله في إحسانهم من الثواب، ويلقى المجرمون ما وعدهم من العقاب.

  تم جواب مسألته.


(١) في (هـ): ويعاينونه.