مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[الجواب]

صفحة 402 - الجزء 1

[المسألة الخامسة عشرة: هل يعذب الله عباده على ما صنعه فيهم؟]

  ثم أتبع ذلك الحسن بن محمد المسألة عما صنع الله بعباده فقال: خبرونا عما صنع الله بالعباد، هل يعذبهم عليه؟ فإن قالوا: لا، فقل⁣(⁣١): خبرونا عمن زاده الله كفراً ومدَّه في طغيانه وأعقبه النفاق في قلبه هل يعذبه عليه؟ فإن قالوا: نعم. فقد دخلوا فيما كانوا يعيبون. وإن قالوا: لا. فقل: فقد زعمتم أن الله لا يعذب من كان على الكفر، ولا يضر من كان عليه، وأنتم تزعمون أن الله إنما صنع ذلك عقوبة لهم. وسلهم: هل استطاع هؤلاء الترك لما صنع الله بهم والخروج منه؟ فإن قالوا: لا. فقد أجابوا، وإن قالوا: نعم. فقد كذبوا بكتاب الله، وخالفوا قول الله إذ يقول: {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ}⁣[التوبة]، فإن كانوا يقدرون على أن يصرفوا من النفاق قلوبهم قبل أن يلقوه فقول الله بزعمهم باطل في قوله: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ٧}⁣[البقرة]. تمت مسألته.

[الجواب]

  وأما ما سأل عنه مما التبس عليه فتعسف بقول الزور فيه فقال: أخبرونا وبما عندكم نبئونا عن قول الله سبحانه: {وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ١١٠}⁣[الأنعام]، وفيما صنع الله بالعباد تقولون: هل يعذبهم على ما فيه أدخلهم وعليه جبرهم؟

  فلعمري لقد تقدم في ذلك الجواب، وقلنا فيه إن شاء الله بالصواب، ولا بد أن نقول فيما سأل عنه في هذا الجواب، نأتي على شرحه إن شاء الله بشرح شاف فنقول:

  إن معنى قوله سبحانه: {وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ١١٠} هو: تَرْكه لهم من توفيقه وتسديده وعونه ولطفه وتأييده؛ لما خرجوا من طاعته وارتكبوا بطغيانهم من معصيته، فولى بعضهم بعضاً، ولم يقم لهم سبحانه أمراً، كما قال


(١) ساقط من (ب).