[الجواب]
  سبحانه: {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ١٢٩}[الأنعام]، فلم يبرأ سبحانه منهم ويكلهم إلى أنفسهم جل وعظم شأنه إلا من بعد أن تولوا وكفروا، وتعدوا، واستوجبوا منه الخذلان بما تمادوا فيه من الطغيان، كما يستوجب الرشد والتوفيق بالطاعة منه المؤمنون ويستأهل بالاهتداء منه والزيادة في الهدى المهتدون، كما قال أحكم الحاكمين وأصدق القائلين: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ ١٧}[محمد]، فأخبرنا سبحانه أنه ولي المتقين، مجانب خاذل للفاسقين، وكذلك قال سبحانه رب العالمين: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ ١١}[محمد]، يريد سبحانه أنه ولي الذين آمنوا والمتولي في كل الأسباب لهم، وأنه الخاذل للكافرين والتارك لتأييدهم، الرافض لتوفيقهم وتسديدهم.
  ألا ترى كيف يقول ويخبر بتأييده وصنعه وتسديده ولطفه للمؤمنين، وتخليته بين المؤمنين والكافرين وممن أطغاهم من الطاغوت، والطواغيت فهم الذين أجابوهم إلى دعائهم واتبعوهم في أهوائهم من مستجيبي(١) الشياطين وأبالسة الإنس الملاعين، الذين أطغوهم واستهووهم في الردى والطغيان، ومنَّوهم مع الإقامة على ذلك من الله الغفران، قال الله سبحانه: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ}[البقرة: ٢٥٧].
  وأما ما قال وعنه سأل فقال: هل يعذب الله أحداً على [فعل](٢) فعله به؟ أم [هل](٣) يقدر الخلق على الخروج مما أدخلهم ﷻ فيه؟ فقولنا في ذلك على الله بما قد تقدم من شرحنا له: من أن الله ﷻ أعز وأكرم وأرأف وأرحم
(١) في (هـ): مستجني.
(٢) زيادة من (ب، ج، هـ).
(٣) زيادة من (ب، ج، هـ).