[المسألة السادسة عشرة: معنى قوله تعالى: {وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين}]
  من الخفة فيثقل، ولا آدمي عن الثقل إلى الخفة يرحل، وكذلك لا يقدرون على الخروج من سواد إلى بياض، ولا من بياض إلى سواد، ولا من قصر إلى طول، ولا من طول إلى قصر، فهذا ما لا يقدر عليه الخلق ولا ينالونه، وذلك أن الله خلقهم وجبلهم عليه، فلم يزدادوا من محبوبه، ولم ينقصوا(١) من مكروهه.
  تم جواب مسألته.
[المسألة السادسة عشرة: معنى قوله تعالى: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ}]
  ثم أتبع ذلك الحسن بن محمد المسألة عن قول الله سبحانه: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ}[الأنفال: ٧]، أليس إنما يريد العير والغنيمة أو المشركين وغلبتهم والنصر؟ فإن قالوا: نعم. فقل: هل كانوا يقدرون على أن لا يقاتلوا ولا يخرجوا إلى القتال؟ فإن قالوا: نعم، فقد زعموا أنهم كانوا يقدرون على أن يخلف الله وعده الذي وعده رسوله، وهذا قول عظيم يدخلهم في أعظم مما كرهوا. [وإن زعموا أنهم لم يكونوا يقدرون على أن يخرجوا للقتال لا المؤمنون ولا الكافرون [فقد] أقروا بما كرهوا](٢)، فإن الله قد أراد أن يقاتل المؤمنون الكافرين، وأن يقاتل الكافرون المؤمنين، وأن الفريقين لم يكونوا يستطيعون التخلف ولا الترك للقتال حتى ينجز الله وعده، ويعز المؤمنين ويذل الكافرين ويوهن كيدهم، وكذلك أراد بالفريقين جميعاً، وقد كان فيما صنع الله بالفريقين يوم بدر بينة لنبيه وبرهان، وذلك أن الله سبحانه لم يكل المؤمنين إلى ما زعم الجهال المكذبون أن الله جعل في العباد استطاعة ثم وكلهم إليها، فلم يرض حتى أيدهم بنصره وأمدهم بملائكته ثم آجرهم على صبرهم على البأس وهو
(١) في (ب، ج): ينتقصوا.
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (ب، ج، هـ).