مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[الجواب]

صفحة 420 - الجزء 1

  يشتم⁣(⁣١) آلهتنا ويقع في أدياننا، واللات والعزى لئن لم يكف عن شتمه آلهتنا لنشتمن إلهه، فأنزل الله في ذلك ما ذكر في أول هذه الآية؛ تأديباً للمؤمنين، فأمرهم الله بالكف عن شتم أصنام المشركين لكيلا يجترئوا بغير علم على شتم رب العالمين.

  وأما ما احتج به الحسن بن محمد في الآيات المنزلات: آية النمل، وآية الأنعام، وآية حم السجدة، وما ذكر فيهن ذو الجلال والإكرام من قوله: {زَيَّنَّا} و {قَيَّضْنَا} فإن ذلك من الله هو الإمهال وترك المغافصة لهم بقطع الآجال، وما كان في ذلك منه لأهل الجهل من التبري منهم، والخذل⁣(⁣٢) منه سبحانه لمن عشا عن ذكر ربه منهم، فلما أن أمهلوا وعلى ما هم عليه من الشرك والكفر تركوا، وبالعقوبات لم يعاجلوا، وأملى لهم؛ ليرجعوا فتمادوا ولم ينيبوا ورأوا من إمهال الله وتأخيره لهم، وصرف ما عاجل به غيرهم من القرون الماضية والأمم الخالية من ثمود وعاد وفرعون ذي الأوتاد، وقوم نوح، وقوم لوط، وأصحاب الرس والأيكة، وقوم تبع والمؤتفكة، وغير ذلك من القرون المهلكة، فزادهم تأخير ذلك عنهم؛ اجتراء وتكذيباً، ومجانة وافتراء وترتيباً⁣(⁣٣) بصرف ذلك عنهم - ما هم عليه من أعمالهم وفاحش قولهم وأفعالهم، فكان إملاء الله لهم، وتركهم؛ ليرجعوا أو لتثبت الحجة عليهم، وتنقطع المعذرة إليهم - هو الذي أطمعهم وزين عملهم لهم فجاز أن يقول: {زَيَّنَّا لَهُمْ}؛ إذ قد تفضلنا وأمهلنا وأحسنا في التأني بكم ورحمنا، وكذلك تقول العرب لعبيدها يقول الرجل لمملوكه إذا تركه من العقوبة على ذنب من بعد ذنب وتأنى به وعفا عنه وصفح؛ ليرجع ويصلح فتمادى في العصيان ولم يشكر من سيده الإحسان، فيقول له سيده: أنا زينت لك


= وسماه النبي ÷ عام الحزن. تمت من (روضة الألباب وتحفة الأحباب/ مخطوط) ومن كتاب (نجاة أبي طالب للسيد حسن بن علي السقاف).

(١) في (ب، ج، هـ): يسب.

(٢) سقط من (هـ).

(٣) الرَّتَب محركة: الشدة والانتصاب. (قاموس محيط). وفي (هـ): وتزييناً.