[الجواب]
  وأما ما ذكر من قول الله جل ثناؤه: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا} فكذلك فعل ø فهو المتولي لذلك، لم يفعله غيره وهو جاعله، فجعل من الأكنان وقاء أوقى من البنيان، وجعل من الظلال لما خلق من الأشجار وغيرها من الجبال ما تبين فيه القدرة والمنة لذي الجلال، فما كان من فعل العباد فخلاف أفعال ذي المنة والأياد، وما كان من فعل الرحمن فخلاف فعل الإنسان، لا كما يقول(١) المتكمهون الجهال: الله سبحانه والعبد سواء في الأفعال، كذب المبطلون.
  تم جواب مسألته.
[المسألة العشرون: معنى أغرينا بينهم العداوة والبغضاء]
  ثم أتبع ذلك الحسن بن محمد المسألة فقال: خبرونا عن الإغراء بالإرادة دون الأمر، فإن الله يقول: {وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ}[المائدة: ١٤]، فسلهم: هل كان هؤلاء يستطيعون أن يخرجوا مما صنع الله بهم، وأن يتركوا العداوة بينهم؟ فإن قالوا: نعم. كذبوا كتاب الله. وإن قالوا: لا. كان ذلك نقضاً لقولهم.
  تمت مسألته.
[الجواب]
  وأما ما سأل عنه من الإغراء بالإرادة دون الأمر، فزعم أن الله جل ثناؤه يأمر بما لا يريد، ويريد من الأشياء ما لا يشاء كينونته، فأخطأ في قوله وأمره، ونسب الجهالة في ذلك إلى ربه، ورضي فيه بما لا يرضاه في نفسه، ولا يراه حسناً من أَمَتِهِ وعبده، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
  ألا ترى أن الآمر بما لا يشاء من أجهل الجاهلين؟ وعن الحكمة من أبعد
(١) في (ب، ج): قال.