مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[الجواب]

صفحة 434 - الجزء 1

[المسألة الحادية والعشرون: معنى قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ}]

  ثم أتبع ذلك المسألة فقال: خبرونا عن قول الله: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ}⁣[الفتح: ٢٤]، وذلك يوم الحديبية، فسلهم: هل كان واحد من الفريقين يستطيع أن يبسط يده إلى أخيه، والله ø يخبر أنه قد كف بعضهم عن بعض بإرادة لا بأمر؟ فإن قالوا: نعم، قد كانوا يستطيعون أن يقاتل بعضهم بعضاً - كذبوا كتاب الله ø. وإن قالوا: لا. فهذا نقض لقولهم. تمت مسألته.

[الجواب]

  وأما ما سأل عنه من قول الله سبحانه: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ} فقال: هل كان يستطيع أحد أن يمد يده إلى عدوه وقد كف الله سبحانه أيدي حزبه من رسوله والمؤمنين عن حزب الشيطان الفاسقين، وأذن لرسوله وأطلق له مهادنة قريش ومن معهم من المشركين، نظراً منه سبحانه للمؤمنين، ففعل ذلك رسول الله ÷ لما أن طلبته قريش منه، ولو لم يأذن الله له ø في ذلك لم يفعله، ولم يك ليرجع يوم الحديبية حتى يقاتلهم، وعلى الحق وبالحق ينازلهم، ولقد أراد ذلك ÷، وبايع أصحابه على الموت فيه بيعة ثانية، وهي البيعة التي ذكر الله عن المؤمنين ورضي بها عنهم، وأنزل السكينة عليهم، وصرف القتال وكف أيدي الكل من الرجال، بما أطلق لرسوله ÷ من إجابته لهم إلى ما طلبوا من المهادنة في ذلك العام، والرجوع عنهم، والدخول في السنة المقبلة إلى البيت الحرام.

  فأطلق له الرجوع عنهم والترك لمقاتلتهم لما ذكر سبحانه فمن⁣(⁣١) كان بمكة ممن كان بمكة من المؤمنين والمؤمنات؛ لئلا يطؤوهم فيقتلوهم بغير علم


(١) هكذا في الأصل، والظاهر أنها فيمن؛ ليستقيم المعنى.