مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[الجواب]

صفحة 435 - الجزء 1

  فيصيبهم منهم معرة عند الله بالحكم، والمعرة هاهنا فهي: الدية لا ما قال غيرنا به فيها من الإثم، وكيف يأثم من بر وكرم وقاتل على الحق - كما ذكر الله ø - من خالفه من الخلق فقتل مؤمناً بغير علم ولا تعمد؟! يدي ييكشيوهو فإنما قتله وهو يحسبه كافراً ويظنه في دين الله فاجراً، فهو والحمد لله في ذلك غير آثم ولا متعمد في فعله ولا ظالم، ولكنه مخطئ فعليه ما على مثله، وهو ما ذكر الله في قوله حين يقول: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ}⁣[النساء: ٩٢]، وإنما جعل عليه العتق والدية تعظيماً لقتل المؤمن، وتشديداً على المؤمنين في التثبت والتبين عن قتال الكافرين، كما قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ٦}⁣[الحجرات].

  وأما معنى قوله سبحانه: {مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ} فهو: الحكم لهم من الله ø بالنصر إذ نصروه، ومن ذلك ما قال ذو العز والجلال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ٧}⁣[محمد]، ولا نصر يكون أكبر من نصره لرسول⁣(⁣١) الله ÷ ومن معه من المؤمنين، فحكم الله سبحانه لهم على أعدائه بالنصر إذا التقوا وبالغلبة إن احتربوا، ألا تسمع كيف يقول: {وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ٢٢ سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ٢٣}⁣[الفتح]، يقول: حكم الله للمؤمنين بالنصر على الفاسقين، ولن تجد لما حكم به رب العالمين للمؤمنين تبديلاً، فهذا معنى الآية وتفسيرها لا كما قال من نسب إلى الله جل ثناؤه فاحش المقال من جبر العباد⁣(⁣٢) على الخير، وإدخالهم قسراً في كل شر وضير.

  تم جواب مسألته.


(١) في (ب، ج، هـ): نصر رسول الله ÷.

(٢) في (ب، ج، هـ): الأنام.