[المسألة الخامسة والعشرون: معنى إلقاء الرعب وقذفه]
  الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ ١٤}[الصف]، فهذا قولنا في رب العالمين، لا كقول الجاهلين الذين نسبوا إلى الله ø أفعال العباد، وقلدوه ما يكون في ذلك من الفساد، فتعالى الله الواحد الرحمن عن زخرف أقاويل الشيطان، المضاهين لمذاهب عبدة الأوثان، وما حكى فيهم الرحمن من قولهم: {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ ...} الآية [النحل: ٣٥].
  تم جواب مسألته.
[المسألة الخامسة والعشرون: معنى إلقاء الرعب وقذفه]
  ثم أتبع ذلك المسألة عن قوله سبحانه: {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا}[آل عمران: ١٥١]، وقال في سورة الحشر: {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ}[الحشر: ٢]، وقال: {وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا ٢٦}[الأحزاب]، فأخبرونا عن الرعب الذي قذف الله في قلوب الكافرين، هل كانوا يستطيعون أن يمتنعوا منه، وأن يصرفوه عن قلوبهم؟ فإن قالوا: لا. كان ذلك نقضاً لقولهم. وإن قالوا: نعم. فقد كذبوا كتاب الله، وزعموا أن العباد يمتنعون من الله.
  وإن قالوا: إنما صنع الله ذلك بهم بكفرهم. فقل: ألستم تعلمون أن الرعب شيء لطيف لا يراه الناس ولا يردونه، ولا يمتنعون منه حين يدخل [في](١) قلوبهم، فيوهن الله بذلك كيدهم، وينقض قولهم؟ فإن قالوا: نعم. فقل: وكذلك أيضاً التوفيق شيء لطيف لا يراه العباد يلقيه الله في قلوب المؤمنين، وأمور الله كلها كذلك، من أراد به خيراً وفقه وسدده وأرشده، وكان ذلك عوناً
(١) زيادة من (ط).