مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[الجواب]

صفحة 442 - الجزء 1

  {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا ١٠ هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا ١١}⁣[الأحزاب]، فكان فيمن نزل [أحد]⁣(⁣١) من العرب رجل أشجعي يحب الإيمان ويبغض أهل العدوان، فأفسد بين المشركين طراً، وذلك أنه أتى قريشاً فقال لها: إن العرب قد ظاهرت⁣(⁣٢) محمداً عليكم، ووعدته المحاربة معه لكم، وآية ذلك أنهم لن يبدأوه بالمحاربة، فخذوا حذركم ولا تبدأوه حتى يقاتلوه قبلكم، ثم أتى أصحابه وبني عمه وجماعة العرب فقال: إن قريشاً قد عاقدت محمداً عليكم، وعلامة ذلك أنهم لن يبدأوه بالمحاربة قبلكم فاعملوا لأنفسكم ودبروا أموركم ولا تقاتلوا حتى ترسلوا إليهم فيقاتلوا قبلكم، فإن فعلوا وإلا فاحذروا مكرهم والحقوا وشيكاً ببلدكم.

  ثم أتى يهود خيبر فقال: إن قريشاً قد عاقدت محمداً عليكم، وآية ذلك أنها لا تبدأه بالمحاربة قبلكم، وأتى قريشاً فقال لها: إن اليهود قد ظاهرت محمداً عليكم وآية ذلك أنهم لا يبدأونه بالمنابذة قبلكم؛ فطرح في قلوب كل لكل بلاءً وحقداً ومخافة وشحناء، فأقام كل ينتظر أن يبدأ بالمحاربة غيره، فلما طال ذلك عليهم تراسلوا بينهم يسأل كل كلاً أن ينصب لرسول الله ÷ حرباً، وكلهم يأمر صاحبه أن يبدأ؛ فصح لذلك عندهم قول الأشجعي، فتفرقوا، وفسدت قلوب بعضهم على بعض، فرحلت العرب طراً راجعة إلى بلدها، وأرسل الله سبحانه الريح على قريش واليهود، وأمد المؤمنين بالنصر منه والجنود، فلم يقم⁣(⁣٣) لقريش خباء⁣(⁣٤) ولا ظل ولا يستوقد لهم نار إلا أطفأتها الريح⁣(⁣٥) وفرقتها


(١) ساقط من (ب، هـ).

(٢) في (ب، ج، هـ، و): ظافرت.

(٣) في (ب، ج، هـ، و): فلم يكن يقوم.

(٤) الخباء: بيت من وبر أو شعر صوف يكون على عمودين أو ثلاثة. (معجم وسيط).

(٥) في (هـ): أطفأها الله بالريح.