مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[المسألة الخامسة والعشرون: معنى إلقاء الرعب وقذفه]

صفحة 443 - الجزء 1

  وحرقتهم⁣(⁣١) بها، فأقاموا ثلاثاً لا يختبزون ولا يصطلون، فاشتد عليهم القر⁣(⁣٢) والجوع، ورماهم الله بالذل، فأزمعوا على الرجوع، ورحلوا راجعين وخاسرين خائبين نادمين، وفي ذلك [ما]⁣(⁣٣) يقول رب العالمين: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا ٩}⁣[الأحزاب]، فرجع رسول الله ÷ فقاتل بني النضير⁣(⁣٤)؛ إذ نقضوا عهده، وخالفوا أمره فحاصرهم حتى جهدوا فقالوا: يا محمد، خلنا نخرج من البلد بما حملت إبلنا التي في الحضرة معنا من متاعنا ونخلي لك الباقي وما لنا من الضياع، وتشرط ألا نخرج بسلاح ونترك الديار والنخل والقُرى؛ فرضي رسول الله ÷ بذلك، فخرجوا بإبلهم عليها جيد⁣(⁣٥) متاعهم وتحف أبوابهم، فلما قلعوا التحف تهدمت وجوه البيوت، وذلك تدبير منهم ليخربوها عليهم، فكان أحدهم إذا هدم لحاف⁣(⁣٦) بيته بطل البيت، ثم خرجوا على الإبل بالتحف، فذلك قول الله سبحانه: {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي


(١) في (و): وأحرقتهم.

(٢) البرد. معجم معنى.

(٣) سقط من (ب، ج، هـ، و).

(٤) الظاهر - والله أعلم - أن هذا خلط من النساخ، وإلا فالذين قاتلهم النبي ÷ بعد الأحزاب مباشرة هم بنو قريظة بإجماع المؤرخين، ومما يبين أن هذا غلط من النساخ: أن من قوله: (فحاصرهم حتى جهدوا ..) إلخ هو تكملة للمسألة الثالثة والعشرين بعد قوله هناك: «وخرجوا إليهم يقاتلونهم»، وما كان هناك من عند قوله: «عشرين ليلة يحصرونهم ... إلى قوله: سبع سموات» مكانه هنا.

(٥) في (ب، ج، هـ، و): خير.

(٦) في (ب، ج، هـ): تحاف.