مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[الجواب]

صفحة 449 - الجزء 1

  وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ ٢٢}⁣[الزخرف]، ثم أخبر نبيه ÷ بقول من كان قبلهم ممن أهلك بمثل قولهم فقال: {وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ ٢٣}⁣[الزخرف]، فكيف يقول الجهال وأهل الغي والضلال: إن الله سبحانه يشاء من عباده أو لهم الكفر؛ وقد يسمعون في ذلك قوله ويرون ما نزل بإخوانهم على قولهم من نكير قولهم؟

  أَوَلم يسمعوا الله سبحانه يقول: {إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ}⁣[الزمر: ٧]، فقال: {إِنْ تَكْفُرُوا} فأخبر بذلك أن الكفر فعل منهم ولهم؛ إذ نسبه سبحانه إليهم وذكره عنهم، ثم قال: {لَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} فأخبر أنه لا يرضى ما كان من كفرهم.

  فكيف يقول الجاهلون في ربهم: إنه قضى بما لم يرض لهم عليهم؟ فأكذبوا في ذلك رب الأرباب، وعاندوه في كل الأسباب فقالوا: إنه رضي بما قال سبحانه إنه لم يرضه، وقالوا: [إنه]⁣(⁣١) سخط ما قال إنه رضيه، فعاندوه في ذلك عناداً، وجاهروه بالمكابرة جهاراً.

  ففي هذا والحمد لله من البيان ما يكفي عن ذكر غيره من الحجج والبرهان.

  وأما قوله : {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ١١٨ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} فإنا نقول في ذلك بالحق [المبين]⁣(⁣٢) على رب السموات والأرضين فنقول: إن معنى قوله: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ١١٨} أي: لا يزال أهل الحق لأهل الباطل مخالفين وعليهم في باطلهم وفسقهم منكرين ولذلك خلقهم رب العالمين، وبه أمرهم سبحانه أكرم الأكرمين، فخلق جميع خلقه ليعبدوه لا ليعصوه، وأمرهم أن يطيعوه ولا يخالفوه، وأن يجاهدوا الكافرين كافة أجمعين،


(١) زيادة من (ط).

(٢) زيادة من (ط).