[الجواب]
  عليه، وليس ذلك كما قال، بل قوله أحول المحال، وسنشرح ذلك والقوة بالله ونفسره، ونذكر ما أراد الله إن شاء الله به، فنقول:
  إن معنى إملائه لهم هو؛ لئلا يزدادوا إثماً وليتوبوا ويرجعوا، ومن وسن ضلالتهم ينتهوا، لا ما يقول أهل الجهالة ممن تحير وتكمه في الضلالة: إن الله أملى لهم كي يزدادوا إثماً وضلالة واجتراء، وكيف يملي لهم كذلك وقد نهاهم سبحانه عن يسير ذلك فقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ}[الحجرات: ١٢]، فنهاهم عن يسير الإثم وقليله، فكيف يملي لهم ليزدادوا من عظيمه وكثيره؟
  فأما قوله: {لِيَزْدَادُوا إِثْمًا} فإنما أراد سبحانه: لئلا يزدادوا إثماً، فطرح (لا) وهو يريدها، فخرج لفظ الكلام لفظ إخبار، ومعناه معنى نفي، والعرب تطرحها وهي تريدها، وتثبتها وهي لا تريدها، قال الله سبحانه: {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ٢٩}[الحديد]، فقال: لأن لا، فأثبت (لا) وهو لا يريدها، فخرج لفظ الكلام لفظ إيجاب، ومعناه معنى نفي، أراد سبحانه: ليعلم أهل الكتاب أن لا يقدرون على شيء من فضل الله، وهذا فموجود في أشعارهم مثبت في أخبارهم، قال الشاعر:
  نزلتم منزل الأضياف منا ... فَعَجَّلنا القِرَى أن تشتمونا
  فقال: فعجلنا القرى أن تشتمونا، وإنما معناه: فعجلنا القرى لئلا تشتمونا، فطرح (لا) وهو يريدها، فخرج لفظ الكلام بخلاف معناه، وقال آخر:
  ما زال ذو الخيرات لا يقول ... ويصدق القول ولا يحول
  فقال: لا يقول، فأتى بـ (لا) وهو لا يريدها، وإنما معناها: ما زال ذو الخيرات يقول، فخرج اللفظ خلاف المعنى.
  تم جواب مسألته.