[الجواب]
  هل أراد الله سبحانه أن يؤمن هؤلاء الذين أرسل عليهم الشياطين؟ فإن قالوا: نعم. فقد كفروا وجحدوا. وإن قالوا: لا. فقد نقض ذلك قولهم.
  تمت مسألته.
[الجواب]
  وأما ما سأل عنه من قول الله سبحانه: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا ٨٣} فقال: هل أراد الله من هؤلاء الذين أرسل عليهم الشياطين تؤزهم أن يكونوا به من المؤمنين؟ وبما أنزل ø من المصدقين، وقد أرسل عليهم مردة الشياطين؟
  فتوهم بجهله أن الله أرسل الشياطين على الآدميين إرسالاً، وجبرهم على تحييرهم وتضليلهم جبراً، وأدخل الشياطين في إغوائهم قسراً؛ ليضلوهم عن الهدى، ويوقعوهم في الردى، وأن ذلك كان من الله للشياطين أمراً وقضاء قضى به عليهم قسراً.
  وليس ذلك - بحمد الله - كما قال، ولا على ما ذهب إليه من فاحش المقال، وكيف يرسل الشياطين على عباده إرسالاً، ويدخلها في الإغواء لهم إدخالاً، ثم يعذبها عليه ويعاقبها فيه؟! ألا تسمع كيف يقول سبحانه: {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ ٨٥}[ص]، فلِمَ إن كان أرسله عليهم إذاً يعاقبه على ما صنع فيهم؟ بل هو على غير ما يقول في الرحمن أهل الضلالة والطغيان.
  ثم نقول من بعد ذلك: إن معنى قوله سبحانه: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا ٨٣} هو: خلينا ولم نحل [بين أحد](١) من بعد أن أمرنا ونهينا، وليس إرساله للشياطين إلا كإرساله للآدميين، فكل قد أمره بطاعته ونهاه عن معصيته، وجعل فيه ما يعبده به من استطاعته، ثم بصرهم وهداهم ولم
(١) زيادة من (ط)، وبدلها في (ب، هـ): وتبرأنا.