مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[الجواب]

صفحة 468 - الجزء 1

[المسألة السادسة والثلاثون: في تفضيل بعض الخلق على بعض]

  ثم أتبع ذلك المسألة عن قول الله سبحانه: {انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا ٢١}⁣[الإسراء]، فيقال لهم: ألستم تقرون أنه قد فضل بعض خلقه على بعض في الدنيا والآخرة وخص بذلك بعض خلقه دون بعض؟ فإن قالوا: نعم. انتقض قولهم، فإن الطاعة والإيمان مما فضل الله به عباده وخصهم به من رحمته. وإن قالوا: لا. فقد جحدوا بآيات الله وكذبوا كتابه.

  تمت مسألته.

[الجواب]

  وأما ما سأل عنه من قول الله : {انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا ٢١} فقال: إن الله سبحانه فضل قوماً بأن أدخلهم في الإيمان على قوم أدخلهم في الكفر والعصيان، فضل بذلك وغوي، وهلك عند الله وشقي، ونسب إلى الله سبحانه من ذلك الجور والردى، فتعالى وتقدس عن ذلك ربنا، وليس كما قال الجهال من أهل السفاهة والضلال، بل هو كما قال ذو الجلال حين يقول: {يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ ٤٩}⁣[الشورى]، وكما قال سبحانه لنبيه #: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}⁣[طه: ١٣١]، ففضل بعضهم على بعض بما وهب من الذكور، وبما يجعل ويوسع به من الأرزاق، ويمن به ويتفضل على من يشاء [به]⁣(⁣١) من الأرفاق، وما يرزق من يشاء من الحسن والجمال والمنطق والكمال، وكم قد رأينا وفهمنا وعاينا من مولود يولد أعمى، وآخر يكون ذا زيادة ونقصان، وآخر سوي غير زائد ولا ناقص، قد تمت عليه من الله النعماء، وصرفت عنه وعن والديه فيه البلوى.


(١) في (ب، ج، هـ، و).