مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[المسألة الثامنة والثلاثون: في اختصاص الله رحمته لبعض خلقه ومعنى شرح الصدر]

صفحة 471 - الجزء 1

  معادون، كما أمرهم ربهم حين يقول: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا}⁣[فاطر: ٦]، وفي كل ما أمرهم به مخالفون، فأولئك هم المهتدون الذين على ربهم يتوكلون، فليس له على هؤلاء سلطان، و {إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ ١٠}⁣[النحل: ١٠٠]، وكذلك سلطانه على أوليائه وهو دعاؤه لهم وإغواؤه إياهم وقبولهم منه ومثابرتهم عليه، فلما أن قبلوا منه ولم يعصوه كانت طاعتهم له السلطان له عليهم إذ⁣(⁣١) أطاعوه وفي دعائه اتبعوه.

  تم جواب مسألته.

[المسألة الثامنة والثلاثون: في اختصاص الله رحمته لبعض خلقه ومعنى شرح الصدر]

  ثم أتبع ذلك المسألة فقال: أخبرونا هل يخص الله برحمته من يشاء من خلقه؟ أم ليست له خاصة، وإنما هو أمر عام فمن شاء ترك ومن شاء أخذ؟ فإن قالوا ذلك. فقد كذبوا والله سبحانه يخبر بخلاف قولهم؛ إذ يقول لنبيه #: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ١ وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ ٢}⁣[الشرح]، وقال أيضاً لمن أراد أن يخصه بالهدى من خلقه: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ١٢٥}⁣[الأنعام]، وقال أيضاً: {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ٢٢}⁣[الزمر]، فقال: أخبرونا عن الشرح ما هو؟ أهو الهدى؟ أم هو الدعاء؟ فإن قالوا: إنه⁣(⁣٢) الدعاء؛ زعموا أن كل كافر مشروح الصدر بالإسلام، وأن الخلق كلهم جميعاً قد شرحت صدورهم؛ لأنهم قد دعوا كلهم.

  وإن قالوا: هو الهدى الذي يمن الله به على من يشاء من عباده. فقد أجابوا.

  تمت مسألته.


(١) في (ب، ج، هـ، و): إذا.

(٢) في (ب، ج، هـ، و): هو.