مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[الجواب]

صفحة 473 - الجزء 1

  تباركت أسماؤه: {وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى ٨}⁣[الضحى].

  وأما قوله سبحانه: {الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ ٣} فهو أوقره وفدحه وغمه وكربه من الضلال عن العمل برضى رب الجلال، فوضع الله عنه ثقل ذلك بما بصره وأوحى إليه وفضله وامتن به عليه، وليس ذلك الوزر حملاً من الأحمال على ظهره، ولا وقراً وقر بحمله، وإنما ذلك على المثل، قال الشاعر:

  حملت أمراً عظيماً فاضطلعت به ... جزاك عنا إله الخلق رضوانا

  وأما ما سأل عنه من قول الله سبحانه: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ١٢٥} فجوابنا في ذلك: أن الشرح من الله هو التوفيق والتسديد والتبصير والتنبيه، وأن معنى قوله : {يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ} هو بما⁣(⁣١) يدَّارك عليه من الأمر والدعاء، وما أمر به عبده ورسوله ونزل عليه، فكلما زاد الله في إقامة الحجة عليهم والدعاء لهم وإظهار الحق لديهم ازدادوا طغياناً وإثماً وتمادياً وعمى، فخذلهم الله لذلك وأرداهم وأذلهم وأشقاهم، فعادت صدورهم لما فيها من الشك والبلاء وما يخافون من ظهور الحق عليهم والهدى، ضيقة حرجة كأنما تصعد في السماء.

  وإنما مثل الله ضيقها بالتصعيد في السماء؛ لأن التصعيد أشد الشدة وأعظم البلاء، [ولذلك]⁣(⁣٢) ما قال الله جل ثناؤه في الوليد بن المغيرة المخزومي: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا ١١ وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا ١٢ وَبَنِينَ شُهُودًا ١٣ وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا ١٤ ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ ١٥ كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا ١٦ سَأُرْهِقُهُ


(١) في (ب، ج، هـ): ما.

(٢) سقط من (ب، ج، هـ).